في حضرة المقاومة
08 أغسطس 2018

[JUSTIFY]عندما تصطف قلوبنا وهاماتنا تحية لتوابيت امتشقت الكرامة والعزة، وتأبطت بعلم الوطن فنحن بالتأكيد في حضرة المقاومة. والمقاومة هي فعل ينم عن حقنا في استرداد ما أخذ منا عنوة من الأرض والتاريخ والمستقبل، حتى أجساد رفاقنا وإخوتنا إن كانت بسلاسل قيد المعتقل، أو بصف مقابر الأرقام، وهذا ما كان في يوم صيفي حين استرد وعد صادق من سيد المقاومة خيرة أبنائنا من وراء عتمة السجن، ومن قلب شواهد قبور تحمل رقما تسلسليا مبهما إلا للعدو الذي يصر على أن يمحو وقع خطوات آمنت بالعودة على طريقتها. كل أسير محرر، وكل نعش زف على الأكتاف، يحمل قصة، وشعب يتذكر قصصا كهذه لا يموت، ففي كل يوم ينسج أولئك الأبطال في سفر حياتنا نهجاً واضحاً ما أن نسلكه حتى يتحقق مبتغانا. الرابع عشر من أيار من العام 1993 هكذا سجل بالخط العريض تاريخ الاستشهاد، تحت اسمي كل من الشهيدين فوزي ربيع، وعماد الشاوي، حينما زيّن اسمهما سماء الوطن، عندما تقدما مع عشرة رفاق آخرين في عمق الأرض المحتلة من الجنوب اللبناني، في عملية مشركة بين الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وفتح ومنظمة العمل، عشية الذكرى الخامسة والأربعين للنكبة، تقسم أبطالنا إلى مجموعتين، هما: مجموعة الشهيد غسان كنفاني، ومجموعة الشهيد أبو جهاد الوزير، والهدف كان ضرب القوة الصهيونية المتمركزة مقابل مستعمرة مسكاف، والمحاذية لمشروع الطيبة. بدأ الاشتباك عند الثانية من فجر ذلك اليوم الربيعي، أصيب بداية الشهيد فوزي ربيع إصابة بالغة، كما وأصيب الفدائي وحيد حمدان إصابة شديدة، ولكنه تمكن من المراوغة والاختباء، في حين تمكنت قوة صهيونية من العثور على "الشهيد فوزي ربيع" على قيد الحياة وبدم بارد أجهزت عليه، في هذه الأثناء تمكن الشهيد عماد الشاوي من التسلل إلى العمق، واشتبك مع قوة صهيونية أخرى، فكانت شهادته قريبة؛ أخذت جثتا الشهيدين لتدفنا فيما بعد في مقابر الأرقام، أما الجريح وحيد حمدان فقد تمكن رغم إصابته من الزحف لمسافة 5 كم باتجاه الأماكن المحررة اللبنانية، وسلم نفسه لقوات الطوارئ الدولية التي لم تساعده، بل قام بإسعافه أهالي قرية فارون، وحملوه لأحد مستشفيات صيدا للعلاج. هذه العملية "عملية أبطال 15 أيار" وآلاف العمليات الأخرى التي تكاتفت بها سواعد شعبنا العربي الفلسطيني، مع سواعد إخوتنا العرب في سبيل هدف واحد وهو العودة وطرد المحتل. واليوم نعلق معاً جرساً ندقه بقوة المتمسك بثوابته، وبكامل أرضه بلا مساومة ولا تفاوض، ونحن إذ نحيي يوم النكبة فنحن لا نحييه بسياق من ينعق مجتراً لأحزانه، بل لنؤكد أننا باقون على عهد من قالوا كلمتهم بدمهم أمثال الشهيدين فواز ربيع وعماد الشاوي اللذين دقوا رمحاً، يحمل علم البلاد في مثل هذا اليوم قبل واحد وعشرين عاماً. التحية لأقمارنا الشهداء، ولأبطال الزنازين الذين يخوضون وحيدين معركة الأمعاء الخاوية ضد سجانييهم، رفضاً للاعتقال الإداري، ولكل أبطال السجون من تزين صدورهم مؤبدات حكموا بها، والذين لن تحررهم إلا القوة . مقاومة، فوعد، فمقاومة، هذه هي جدلية النصر، فشهداؤنا ليسوا رموزاً مبهمة، ولا هم حكايات منسية، والمعتقلون والأسرى بانتظار يوم النصر والرجوع.[/JUSTIFY]