بيان بمناسبة الذكرى الثانية والأربعين لاستشهاد الرفيق غسان كنفاني

08 أغسطس 2018

[JUSTIFY]نحيي في مثل هذا اليوم الثامن من تموز/يوليو من كل عام، ذكرى استشهاد الأديب والكاتب والمفكر المناضل غسان كنفاني عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الذي ترَّجل بتفجير سيارته بعبوة ناسفة زُرعت فيها وسط بيروت العاصمة، على يد العدو الصهيوني. اثنين وأربعين عاماً وغسان كنفاني، الذي التحم مع قضية شعبه الفلسطيني وعدالتها حد الانصهار، فجسدها في أدبه وكتاباته الفكرية والسياسية ورسوماته وقيمه الإنسانية، حاضراً في كل لحظة فلسطينية، قبل الاستشهاد وبعده، من خلال الموروث الأدبي والفكري - الثقافي والسياسي وممارسته الثورية، الذي شكل معيناً وهادياً وملهماً ومحرضاً ومحفزاً للثوريين حتى يومنا هذا. اثنين وأربعين عاماً، ولم تنطفئ جذوة الثورة التي "بشر بها وحرض لها غسان"، وبين مراحل المد والجزر، لا يزال شعبنا في مدن الجليل والمثلث والقدس والخليل وجنين وغزة، يغذي بتضحياته ونضاله تلك الجذوة الثورية، في وجه الاحتلال الإسرائيلي وقطعان مستوطنيه وإرهابهم المستمر، الذي لم يكن آخره حرق الفتى الشهيد محمد أبو خضير حياً، لتقدم شهادة جديدة، تفضح ممارسات العدو الصهيوني، التي تعيد إنتاج النازية بأبشع صورها، وتصرخ في ضمير هذا العالم والإنسانية جمعاء، أن الاحتلال الأخير المتبقي على وجه هذه الأرض، الذي يمارس الإرهاب الممنهج والمنظم إرهاب الدولة - ضد الشعب الفلسطيني، آن له أن ينتهي، وتتوقف آلة قتله عن الفتك بشعبنا وأرضه وحقه في الحرية والاستقلال. اثنين وأربعين عاماً، ما زلنا متمسكين بدروس وعبر شهيدنا غسان، الذي عاش واستشهد مخلصاً لفكرته بأن فلسطين كل فلسطين هي ملك للفلسطينيين، لا ينازعهم ولا يحق لأحد أن ينازعهم فيها، فكان رفضه لمشاريع التسوية والحلول الجزئية حاسماً، انطلاقاً من القراءة التاريخية - الموضوعية لطبيعة الصراع مع الحركة الصهيونية وكيانها، وطبيعة أهدافها وأطماعها في إطار تحالفها مع الإمبريالية الأمريكية. وهذا ما يجب أن تعيه القيادة المتنفذة في منظمة التحرير الفلسطينية، فتكف عن استمرار تمسكها بنهج المفاوضات العبثية والضارة، ومراهنتها الواهمة بإمكانية تحقيق "اختراقات جدية" على صعيد التسوية السياسية، واستمرار الرضوخ للإملاءات والاشتراطات الأمريكية الإسرائيلية. فما يريده العدو الصهيوني هو فرض استسلاماً مؤسساً على القبول بشرعية المحتل الغاصب، وليس تحقيق سلاماً عادلاً وشاملاً. في الذكرى الثانية والأربعين لاستشهاد رفيقنا غسان كنفاني، يتأكد وعيه الثوري بأهمية ومركزية وجدلية العلاقة بين الثقافة والوعي الوطني من جهة، والمثقف الثوري من جهة أخرى. "فالمثقف إما أن يكون ثورياً أو لا يكون"، من هنا صاغ شعاره "بالدم نكتب لفلسطين". فما أحوجنا في هذه الأيام لأن نستعيد دور ومكانة الثقافة الوطنية الفلسطينية، المرتكزة إلى مشروعنا الوطني التحرري، في مواجهة المحاولات الإسرائيلية المستمرة لتدجين وكي الوعي والتاريخ الفلسطيني، وثقافة تزييف الوعي والتيئيس والإحباط التي تبث فلسطينياً. واستعادة دور ومكانة الثقافة الوطنية الفلسطينية، هو دور منوط بالأكاديميين والمثقفين الثوريين والمخلصين الوطنيين الفلسطينيين، لكي يقوموا بدورهم الطليعي في نشر الوعي الوطني الثوري. اثنين وأربعين عاماً، وتهجير غسان وارتحاله من مدينته عكا، لا يزال ماثلاً للعيان، بعد ستة وستين عاماً مروا من عمر "النكبة" الفلسطينية، باستمرار انتشار ستة ملايين فلسطيني في مخيمات اللجوء والمنافي والشتات، ما زالوا يحملون راية النضال للعودة إلى أرضهم ومدنهم وقراهم وديارهم التي هجروا منها، في أبشع وأكبر عملية اقتلاع وتطهير عرقي لشعب بأكمله مورست بحقه على يد العصابات الصهيونية، التي لا تزال تتنكر للاعتراف بهذه الجريمة، كما تتنكر للاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني في أرض وطنه. إن تمسك شعبنا في حقه بالعودة إلى أرض وطنه، لم يكن في أي يوم مجالاً للمساومة أو المفاوضة، وعليه فإن قيادتي المنظمة والسلطة، مطالبتان بالكف عن البحث أو الولوج في حلول تنتقص من هذا الحق، والتمسك بما سنته الأمم المتحدة من قرارات ذات صلة بحقوق شعبنا وفي مقدمتها القرار 194، ووضع الآليات التنفيذية لتطبيقها لا التفاوض بشأنها. يا جماهير شعبنا: إن إحياء ذكرى استشهاد غسان كنفاني هذا العام، تأتي في ظل تحركات جماهيرية تعيشها الأراضي الفلسطينية رداً، ومقاومة لجرائم وعدوان قوات الاحتلال ومستوطنيه على شعبنا في الضفة وغزة والقدس ومناطق الـ48، وهي تحركات تشي بإمكانية تحولها لانتفاضة شعبية شاملة، تتطلب الاحتضان والتنظيم وتقدم الصفوف من قبل فصائل العمل الوطني، كما تتطلب الحماية بما تفرضه من توحّد في الرؤى والأهداف، ومن ضرورة الإسراع في الانضمام لمحكمة الجنايات الدولية لملاحقة العدو وقادته على جرائمهم الفاشية، وعلى تزايد احتمالات البطش ضد شعبنا. إن احياء ذكرى استشهاد الرفيق غسان كنفاني مناسبة لتجديد التمسك بالحقوق الوطنية التاريخية لشعبنا الفلسطيني، في وجه محاولات قضمها وتقزيمها. وتعزيز واستنهاض للحالة الثورية، ومفاهيمها ومبادئها وقيمها الجامعة والمُوحدة، والتأكيد على حق شعبنا المشروع في مواجهة الاحتلال وقطعان مستوطنيه بكل أشكال ووسائل المقاومة والنضال التي كفلتها المواثيق والأعراف الدولية، بما في ذلك المقاومة المسلحة. كما هي مناسبة لتجديد العهد مع كل شهداء شعبنا وأمتنا العربية وأحرار العالم، بأن نواصل الدرب على خطى شهيدنا غسان، والوفاء بأن نبقى ممسكين بالمنطلقات والمبادئ والأهداف التي انطلقوا من أجلها وعملوا لها واستشهدوا عليها.[/JUSTIFY]