الغول للبيادر: الانقسام شّكل خسارة صافية لشعبنا وقضيته
08 أغسطس 2018

[JUSTIFY]الانقسام شكل خسارة صافية للشعب الفلسطيني وقضيته.. كايد الغول يدعو في حديثه لـ"البيادر السياسي" إلى تعميق الوحدة الوطنية والاتفاق على إستراتيجية وطنية موحدة * اجتماع القاهرة كان إيجابياً رغم الخلافات ولا بد من استمرار الحوارات * الصراع على المؤسسة هو الذي يفسر تعطيل السير بالمصالحة * لم تنطلق الجبهة من مصالح خاصة في تقديم رؤيتها وقبلت بالاتفاقيات رغم ملاحظاتها عليها غزة- خاص بـ"البيادر السياسي":ـ حاوره/ محمد المدهون عول الفلسطينيون كثيراً في الأيام الأخيرة على وضع حد للانقسام المدمر المستشري في الوطن الفلسطيني منذ سبع سنوات، من خلال ما برز من تطورات إيجابية وأجواء وحدوية سادت أرض الوطن، إلا أن سرعان ما تتبدد الآمال بعد كل جلسة حوار بإمكانية تحقيق الوحدة المنشودة رغم إدراك الجميع لأهميتها، فما حدث في اجتماع الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية الذي عقد مؤخراً في القاهرة، وما تخلله من خلافات حول عدة قضايا جعل المواطن الفلسطيني يصاب بخيبة أمل بعد أن كان يتطلع إلى مرحلة جديدة من المحبة والوئام بين كافة أبناء وأطياف الشعب الفلسطيني.. "البيادر السياسي" استضافت عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، مسؤول فرعها في قطاع غزة كايد الغول، وأجرت معه الحوار التالي حول هذه القضية الهامة. ثلاث قضايا خلافية * في أعقاب انتهاء اجتماعات الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير في القاهرة برزت الكثير من التصريحات التي تعكس فشل الحوار.. ما الذي جرى بالضبط في هذه الاجتماعات؟ - ما جرى بغض النظر عن النتائج كان ضرورياً، لأن عقد هذا الإطار سيساهم في خلق المزيد من الأجواء الإيجابية، ويتيح المجال لفهم وجهات النظر وحيثياتها بشكل مباشر بعيداً عن النقل والتحريف الذي يحصل أحياناً.. كان معول على هذا الاجتماع أن يضع توقيتات محددة وآليات أكثر تفصيلاً لتنفيذ اتفاق المصالحة، ورغم الأجواء الإيجابية التي سادت هذا الاجتماع، إلا أن هناك مواقف متباينة في بعض المفاصل التي جرى بحثها، وبشكل أكثر تحديداً كان هناك تباين في الموقف من قرار الرئيس أبو مازن بأنه سيصدر مرسومين في ذات الوقت، الأول يتعلق بتشكيل الحكومة، والآخر يحدد موعد إجراء الانتخابات، وبصدد ذلك كان رأي حركة حماس أنها مع إعلان تشكيل الحكومة وفق الأسس التي جرى التوافق عليها، لكن الانتخابات ترتبط بتوفر الظروف الملائمة لإجرائها.. أعتقد بأن الخلاف على هذا البند سيقود موضوعياً إلى تأجيل التحرك في باقي الملفات وبشكل أخص في موضوع الحكومة. * وما هي النقطة الأخرى التي جرى الخلاف عليها؟ - النقطة الثانية هي النظام الانتخابي.. صحيح أن اتفاق المصالحة تحدث عن انتخابات وفق التمثيل النسبي الكامل فيما يتعلق بالمجلس الوطني، أما انتخابات المجلس التشريعي فتقوم على النظام المختلط، أي بنسبة 25% دوائر، و75% وفقاً للتمثيل النسبي، لكن القوى باستثناء حركة حماس دعت إلى اعتماد التمثيل النسبي الكامل كنظام انتخابي موحد لكل مكونات النظام الفلسطيني، خاصةً أن الانتخابات للمجلسين التشريعي والوطني والرئاسة يفترض أن تُجرى بشكل متزامن، ولا يعقل في هذه الحالة أن يمارس المواطن الفلسطيني انتخابات بنظامين مختلفين.. رغم حالة الإجماع تقريباً، إلا أن حركة حماس ترى أن فتح اتفاق المصالحة يقود إلى إعادة النظر في محاور أخرى من الاتفاق.. برأيي أن هذا الأمر يمكن تجاوزه وحصر التعديل في النظام الانتخابي حتى يكون هناك نظام انتخابي موحد في المجتمع الفلسطيني. أما النقطة الثالثة التي جرى الخلاف حولها تتعلق بإجراء انتخابات المجلس الوطني في الداخل، حيث أن هناك قوى ترفض اعتبار أعضاء التشريعي في الداخل هم حصة الداخل في عضوية المجلس الوطني، ويرون أنه من الضروري أن تجري انتخابات منفصلة لكل من المجلسين، ويعزز من أصحاب هذا الرأي موقفهم مما تطرحه حركة الجهاد الإسلامي من أنها ترفض المشاركة في انتخابات المجلس التشريعي، لكنها توافق على المشاركة في انتخابات المجلس الوطني.. هذه القضايا الرئيسية التي كانت مدار خلاف في هذا الاجتماع، ونأمل ألا يترتب عليها وقف انتظام الإطار القيادي في اجتماعاته، وبضرورة البحث الثنائي والثلاثي المشترك من أجل تقريب وجهات النظر، وخوض مزيد من الحوار بين القوى للاتفاق على مواقف موحدة، وألا تشكّل نتائج الاجتماع مدخلاً لحملات إعلامية أو إجراءات ميدانية ممكن أن تعيدنا إلى نقطة الصفر. استمرار الحوار * ماذا كان موقفكم إزاء ما جرى؟ - نحن في الجبهة الشعبية سنعمل على الاستمرار في الدفع باتجاه استمرار الحوار والعمل على محاصرة أي تداعيات سلبية قد يفتعلها البعض من المتضررين من انتهاء الانقسام، واستعادة الوحدة الوطنية، كما ستعمل الجبهة على تطوير موضوعات البحث في هذا الإطار القيادي بحيث تشكل المراجعة السياسية والاتفاق على إستراتيجية وطنية سياسية، مستفيدين في ذلك من كل الوثائق التي سبق أن جرى التوافق عليها وبشكل خاص وثيقة الوفاق الوطني، لأننا نعتقد بأن التوافق على هذه الإستراتيجية يشكل الضمانة لأن تتحول الوحدة إلى وحدة مستندة لأساس سياسي، والتوافق على أشكال النضال لتحقيق هذه الإستراتيجية انطلاقاً من كوننا حركة نضال وطني تخوض نضالاً وطنياً تحررياً من أجل الحرية والاستقلال لشعبنا، وبذلك نخرج من دائرة البحث في كيفية تحقيق مصالحة تستند فقط على التقاسم للنظام السياسي، لأننا في هذه الحالة ستكون الساحة الفلسطينية والنظام السياسي الفلسطيني معرضين لانقسام مجدد على الأرجح. * هل تم الاتفاق على موعد قريب لاستئناف الحوارات في إطار منظمة التحرير؟ - لا أعلم إذا جرى الاتفاق على مواعيد محددة، لكن بالتأكيد أنه جرى الحديث على أهمية العودة لعقد هذا الإطار القيادي. * لماذا الإصرار على تنفيذ ما اتفق عليه بالتوازي وإلا العودة إلى نقطة الصفر ؟ ولماذا لا يتم تنفيذ ما اتفق عليه وترحيل نقاط الخلاف إلى وقت لاحق؟ - هذا يفسره أن البحث محصور في توحيد مؤسسات السلطة بشكل رئيسي والمنظمة انطلاقاً من محاولة كل طرف أن يحصل مكتسبات تعزز من نفوذه في هذه المؤسسات، وليس انطلاقاً من قاعدة أن الشراكة مطلوبة الآن في إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني. إذاً الصراع على المؤسسة بالبعد غير المرتبط بإستراتيجية التحرر الوطني هو الذي يفسر تعطيل السير بالمصالحة إذا شعر أي طرف من أطراف الانقسام أن هذا الاتفاق لن يحقق له مصالحه، ثم ربما البعض وهو يدعو إلى إنهاء الانقسام يكون حاضراً في ذهنه أن نهاية هذا الجهد سيرتبط باتضاح نهايات التطورات الجارية في المنطقة، سواءً منها ما يتصل بالمفاوضات التي يجري البحث من أجل عودتها بدون شروط مسبقة كما يصر نتنياهو، أو ما يتعلق بما ستسفر عليه عملية التغيير التي جرت ولازالت في المنطقة، وانعكاس ذلك على الأطراف من حيث دعمها من عدمه. فعاليات مناهضة للانقسام * ما هي الجهود التي بذلتموها لوضع حد لهذا الانقسام؟ - الجبهة الشعبية منذ بداية الانقسام عملت على أكثر من محور لإنهائه، الأول هو المحور السياسي، حيث قدمت مبادرة تستهدف احتواء ما جرى واستعادة الوحدة، كما خاضت حوارات سياسية مع أطراف الانقسام، وقدمت مع قوى أخرى مبادرات مشتركة، وتحركت في اتصالاتها العربية والدولية من أجل المساعدة في إنهاء الانقسام بشكل سريع، كما حددت الجبهة لنفسها مهمة إنهاء الانقسام باعتباره يشكل الحلقة المركزية في نشاطها، ولأجل ذلك نظمت مسيرات جماهيرية واعتصامات ومؤتمرات شعبية ومذكرات تستهدف توقيع قطاعات مختلفة من الشعب الفلسطيني، وصدر عن هذه النشاطات مذكرات تحدد وجهتها بأن إنهاء الانقسام هو المهمة الملحة والمباشرة للجميع. المحور الثالث إعلامياً، حيث ركزت في سياستها الإعلامية عل البعد الوطني في إنهاء الانقسام، وواجهت الاتجاهات الإعلامية الضارة التي عملت على تعميق الانقسام والتي شوهت بذلك حقيقة موقف الشعب الفلسطيني، وأساءت للقضية لفلسطينية ولشعبنا كذلك حاولت الجبهة منفردة وبالتعاون مع آخرين العمل على حل الإجراءات لتي ترتبت على الانقسام وتصدت لكل الخروقات التي ارتبطت بذلك، سواءً فيما يتعلق بالتعدي على الحريات الخاصة وحرية التعبير، أو العنف في مواجهة الفعاليات والمواقف السياسية، ومحاولة تكميم أفواه الناس، وصوغ مؤسسات السلطة لتخدم قرارات تعمق من الانقسام وذلك في الضفة وغزة، وأيضاً عملت الجبهة على التعبير عن معاناة الناس التي ازدادت بفعل حالة الانقسام، سواءً فيما يتصل بالبطالة واتساعها والخريجين وعدم إيجاد عمل لهم، وتراجع الخدمات الصحية.... إلخ من معاناة المواطنين التي تفاقمت بفعل الانقسام. * هل قدمتم حلولاً خلال الاجتماع الأخير لمعالجة هذا الانقسام؟ - في إطار الجهود التي بذلك في جلسات الحوار الوطني منذ الانقسام وفي اجتماع الإطار القيادي الأخير قدمت الجبهة الشعبية حلولاً وطنية لملفات الانقسام، لأنها مقتنعة بأن هذه الحلول بهذا البعد الوطني هي التي تعالج الصراع على المؤسسة، كما تجلى في اقتراحات الطرفين، وبادرت الجبهة إلى تقديم مشاريع حلول لكل مفاصل الاتفاق، سواءً ما يتعلق بمنظمة التحرير، أو الانتخابات، أو المصالحة المجتمعية، أو الحريات...إلخ، وبالتالي لم تنطلق الجبهة من مصالح خاصة في تقديم رؤيتها، بل وقبلت بالاتفاقيات التي وقعتها بما فيها اتفاق المصالحة الأخير رغم ملاحظاتها على بعض ما جاء في هذا الاتفاق، لأننا نرى أن المصلحة الوطنية تكمن هنا.. انتقدنا الاتفاقيات الثنائية التي كانت تعقد بين الطرفين، لأننا كنا نرى فيها محاولات لتجاوز بعض ما اتفقت عليه القوى في اتفاقات المصالحة، ثم أن التجربة دلت على أن الاتفاقات الثنائية لم تنجح، وبالتالي الاتفاقات الوطنية هي التي يمكن أن تجعلنا نتقدم في ملف إنهاء الانقسام، شرط أن يجري حملها من الكل الوطني انطلاقاً من قاعدة الشراكة التي ندعو لها. * ما هي رسالتكم للأطراف الفلسطينية، وخاصة فتح وحماس؟ - رسالتنا للأطراف جميعاً هو وعي دروس التجربة جيداً، فالانقسام شكل خسارة صافية للشعب الفلسطيني وقضيته، حيث تبدّلت في ظله أولويات الصراع، وأساء لشعبنا ونضالاته، كما وأضعف من قدرة شعبنا على توفير عوامل الصمود له ومن مكانة القضية الفلسطينية على الصعد الدولية، وشكل فرصة لبعض الأطراف العربية للتهرب من مسؤولياتها في دعم الشعب الفلسطيني ونضالاته، كما شكل مكسباً إستراتيجياً لدولة الاحتلال التي عملت على تعطيل أي جهود لإنهاء الانقسام، وعملت ولا زالت تعمل على تقديم مبادرات تجعل من الانقسام انقساماً نهائياً للأراضي الفلسطينية، كما جرى التعبير عن ذلك من قبل ليبرمان عندما أشار إلى ضرورة ربط قطاع غزة بمصر نهائياً، وأن يجري الحل في الضفة ارتباطاً بتحقيق ما وصلت إليه إسرائيل من تعميق الاحتلال عبر إقامة المستوطنات بشكل متسارع وكبير، وفصل القدس عن محيطها الفلسطيني، والاستيلاء على الأغوار بالكامل، وعبر جدار الفصل العنصري، كما أن الانقسام لم يمكن أياً من الطرفين من تحقيق برنامجه، ولا يمكن لهما أن يحققا هذا البرنامج في ظل استمرار الانقسام، لذلك دعوتنا للجميع هي الإسراع في إنهاء الانقسام وفق الاتفاقات الموقعة والبحث في تعميق الوحدة الوطنية من خلال الاتفاق على إستراتيجية وطنية نبني على أساسها التحالفات العربية والإقليمية والدولية.[/JUSTIFY]