في ذكرى انتفاضتيْن: "كتائب أبو علي مُصطفى" تدعو لتوحيد الصّفوف بمواجهة الاحتلال.. وتُطالب السلطة بدعم إرادة الشعب
08 أغسطس 2018

[JUSTIFY] خاص بوابة الهدف_ بيسان الشرافي 16 عاماً مرّت على انتفاضة الأقصى، أو ما تعرف بالانتفاضة الثانية -الأولى في العام 1987-، واندلعت شرارتها يوم 28 سبتمبر من العام 2000، عقب اقتحام رئيس الوزراء الصهيوني الأسبق أرئيل شارون المسجد الأقصى ومعه قوات كبيرة من جيش الاحتلال، ما تبعه مواجهات عنيفة، امتدت من القدس لتطال كافة المدن الفلسطينية، وأعقب ذلك على مدار أكثر من 4 سنوات أعمال عسكرية صهيونية متصاعدة كان أبرزها الاغتيالات والاجتياحات والاعتقالات بالضفة المحتلة وقطاع غزة. المقاومة الفلسطينية بكافة أطيافها، كانت الحامي الأوّل للأهالي، والندّ الأقوى للعدو الصهيوني، والمقاتل الصلب الذي كان يتصدّى لكل اجتياح "إسرائيلي" ينتهك حرمة المخيمات والمدن الفلسطينية. "بوابة الهدف" حاورت أحد أبرز الأجنحة العسكرية الفلسطينية التي قاتلت خلال انتفاضة الأقصى، وهي كتائب الشهيد أبو علي مصطفي، الجناح المسلح للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، التي أطلقت أول هاون على جنود الاحتلال خلال انتفاضة الأقصى، ومن مُقاتليها كان أول منفذ لعملية استشهادية خلال الانتفاضة. [B]الشرارة الأولى.. "الهاون" الأوّل[/B] أبو جمال، الناطق الإعلامي باسم كتائب أبو علي مصطفي، تحدّث بدايةً عن الفترة التي سبقت اندلاع الانتفاضة الثانية، وقال "بعد قدوم السلطة الفلسطينية لأرض الوطن، ساد بعض الهدوء على صعيد المواجهة مع الاحتلال، وحاولت السلطة فرض واقع جديد لم يعتد عليه شعبنا، فكان التنسيق الأمني مع أجهزة الاحتلال، واعتقال المقاومين، وأصبح شعبنا يسمع مسميات لأجهزة أمنية فلسطينية، كان يُفترض بها حمايته من بطش الاحتلال". بعد اقتحام الأقصى يوم 28 سبتمبر 2000، سرعان ما اشتعلت المدن والمخيمات الفلسطينية لتعلن ميلاد الانتفاضة الثانية. وبيّن أبو جمال أنّ "الانتفاضة تميّزت بأدواتها المُستحدثة، فإلى جانب الحجارة والمواجهة الشعبية مع الاحتلال-وهي ما كان سائداً خلال انتفاضة 87- تم إسناد انتفاضة الأقصى بتنفيذ الكثير من المهمات القتالية، ودخل الهاون حيز التنفيذ"، مُعرباً عن فخره بأن "مقاتلي الجبهة هم أول من استخدم الهاون في المواجهة مع الاحتلال وضرب أهدافه ومواقعه في مستوطنات قطاع غزة". [B]مراحل المواجهة[/B] استعرض الناطق باسم كتائب الشهيد أبو علي مصطفى المراحل التي مرّت بها الانتفاضة الثانية، والتي "انطلقت من القدس وامتدّت للمخيّمات المحيطة، ثمّ انضمّت لها القرى والمدن الكبرى، ومع امتدادها زادت عمليات القمع والقتل والاعتقالات التي مارسها المحتل، فكان لابد من الانتقال لمرحلة جديدة في المواجهة معه، فكان تنفيذ المهمات القتالية التي اعتمدت على عمليات الاشتباك المباشر والقنص وإطلاق النار على سيارات المستوطنين". ما زاد الانتفاضة اشتعالاً، برأي أبو جمال، كان توجّه الاحتلال لاغتيال قادة فصائل المقاومة الفلسطينية، أبرزهم كان الأمين العام للجبهة الشعبية الشهيد أبو علي مصطفي، الذي اغتيل بتاريخ 27 أغسطس 2001، وكما قالت الكتائب "بعد هذه الجريمة فتحت نسور الجبهة بوابات الجحيم على الاحتلال بالعمليات الاستشهادية وإطلاق القذائف الصاروخية، والهاون والاشتباكات وعمليات القنص وتفجير العبوات، مُعلنة ميلاد كتائب الشهيد أبو علي مصطفى، التي كانت أهم عملياتها تصفية المجرم الصهيوني رحبعام زئيفي، وزير السياحة الصهيوني السابق، يوم 17 أكتوبر 2001". "بهذه العمليات الفدائية وغيرها، جُنّ جنون الاحتلال، ليُعلن مزيداً من التصعيد باستهداف المقاومة، التي بدورها ازدادت شراسةً واستبسالاً في الدفاع عن شعبها ووجودها" قال أبو جمال، واصفاً المقاومة الفلسطينية بأنّها ذات نفسٍ طويلٍ في مواجهة الاحتلال، وعلى دراية ومعرفة بعقلية العدو الإجرامية ومحاولاته في تركيع وتهجير الفلسطينيين، لذا استعدادها للمواجهة كان موجوداً في كل وقت، كما كانت تطور من أساليبها التي تنوعت بين استخدام الهاون والقذائف الصاروخية، وعمليات التفجير الاستشهادية واقتحام المستوطنات". المقاومة لم تكتفِ بالرد على التصعيد الصهيوني، كما أكّد أبو جمال، بل تفرّدت هي بتوجيه الضربات للعدو، فحين كانت الظروف تتهيّأ لتنفيذ عملية نوعية لم تكن تتردد، كما كانت تستغل فترات الهدوء بتطوير نفسها، وتميّزت الانتفاضة بالرد الفلسطيني المشترك، وغرفة العمليات الواحدة، بين فصائل المقاومة، إضافة للردود الفردية". واستغلّ أبو جمال الحديث عن الرد المشترك والفردي، ليُؤكّد على أهمية توحيد جهود المقاومة الفلسطينية، وتشكيل غرف العمليات المشتركة، لأن الرد الجماعي دوماً أفضل وأقوى من الرد الفردي، ويزيد من صلابة وصمود الأهالي". وتابع، في حديثه عن مراحل الانتفاضة، أنّه "مع اشتداد المواجهة، أدرك قادة الاحتلال وقتها أن إجرامهم يُقابَل بمزيد من المقاومة، فأخذوا بالتخفيف من حدّة التصعيد، والإعلام مراراً عن تسهيلات للفلسطينيين، تحت غطاء التنسيق الأمني، وجرى بعدها تنفيذ خطة فك الارتباط، التي تم بموجبها الانسحاب "الإسرائيلي" الأحادي من قطاع غزة، تحت ضربات المقاومة، ورفع حواجز من شوارع الضفة و الإعلان عن تسهيلات للعمال الفلسطينيين داخل الكيان، وبعدها أخذت وتيرة الانتفاضة بالتراجع خاصة بعد الانسحاب الصهيوني من القطاع، تلا ذلك الانتخابات التشريعية والرئاسية الفلسطينية، رغم هذا الهدوء النسبي، لم تنقطع أعمال المقاومة، لكنها أخذت شكلاً آخراً من المواجهة المتقطعة. [B]العمليات الاستشهادية[/B] استذكر أبو جمال العديد من العمليات الاستشهادية "التي أدمت العدو وأوقعت في صفوفهم قتلى وجرحى، منها على سبيل المثال لا الحصر، العمليات التي نفذها الرفاق الاستشهاديين فؤاد أبو سرية، مهند مهدي، محمود صالح، طارق المصري، سعيد المجدلاوي، سلامة السواركة، خليل شحادة، جهاد القصاص، إسماعيل السعيدني". وعن تأثير العمليات الفدائية التي كانت تنفذها فصائل المقاومة، في مختلف محافظات الوطن، قال الناطق باسم الكتائب "إنّه كان لها صدىً كبير، وعززت من عزيمة وصمود المقاتلين، وزرعت روح التضحية في نفوس الكثير من الشبان، ما دفع الكثير منهم لطلب الانضمام لوحدة الاستشهاديين" اغتيال أبو علي مصطفى، أشعل نار مُقاتلي الجبهة، الذين أعلنوا استعدادهم لتنفيذ العمليات الاستشهادية، وحرصت قيادة الكتائب حينها على أن يكون الرد بحجم جريمة الاغتيال، لتكون أولى حلقات الرد، العملية الاستشهادية التي نفذها الرفيق الجيفاري فؤاد أبو سرية". وعن يوم العملية، روى الناطق باسم الكتائب "أعددناه جيداً وكان يعرف وجهته وهدفه. كان وجهه مشرقا مبتسماً، ولحظة الوداع، قال لرفاقه: هذا ما كنت انتظره منذ وقت طويل، الآن حان موعد الثأر. توجه بحزامه الناسف نحو موقع ناحل عوز العسكري، واندفع نحو مجموعة من الجنود و الضباط الصهاينة، لحظاتٌ حتى سمع صوت انفجار كبيرٍ، أوقع 5 قتلى من الجنود والضباط الصهاينة، حسب اعتراف العدو"، مضيفاً أن "عملية الشهيد أبو سرية تزامن مع عملية 17 أكتوبر البطولية، وهي رسالة لقادة الاحتلال إن قادتنا ورفاقنا ودماء شهدائنا خط أحمر". وأوضح أبو جمال أنه "في ميدان المواجهة، تتنوّع وتتوزّع المهام حسب الاختصاص، منها: الاستطلاع والرصد، الكمائن الثابتة والمتحركة التي يتم من خلالها زرع العبوات والقنص، والتواصل كان يتم من خلال القادة الميدانيين للمجموعات بشكل مباشر مع المسؤول، الذي بدوره كان يضع القيادة بصورة الوضع أول بأول وبناء عليه تكون الخطط ، فوسائل الاتصال العادية ليست آمنة". أبو جمال لفت إلى أنّ الكتائب "تمكنت من إعداد نخبة من الاستشهاديين والمقاتلين لتنفيذ مهمات نوعية معقدة، رغم قلة الإمكانيات، وكانت تحرص على إيقاع أكبر قدر من الخسائر في صفوف الاحتلال، والاعتماد على التخطيط الجيّد وعنصر المفاجأة والدقة، والاختيار المناسب للهدف، الأمر الذي حيّر قادة العدو، ودفعهم للتساؤل دوماً "ماذا لو امتلك هؤلاء المقاتلين الإمكانيات؟". [B]السلاح الأقوى[/B] ليس خفيّاً أنه وفي كل مواجهة مع دولة الكيان، التي تملك واحداً من أقوى جيوش العالم، فإنّ ميزان القوة العسكرية دائماً يرجح لصالح آلة القتل الصهيونية، وهنا وجب السؤال عن مدى إيمان المقاومة الفلسطينية بقدراتها أمام ترسانة أسلحة لا تفرغ وممولة من أكبر دول العالم، وكان رد كتائب أبو علي "بالطبع لا مجال للمقارنة بالنسبة لحجم التسليح العسكري بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال، لكن رغم ذلك كانت المقاومة تملك سلاحها الذي لا يستطيع العدو امتلاكه، وهو الإرادة والتضحية والصمود واليقين بحتمية النصر، وكلّه مُستمدٌ من قوة الشعب، وهذا كان السلاح الأقوى لديها". وأضاف أن "الغطاء الشعبي واحتضان الجماهير للمقاومة يكون الداعم الأكبر الذي يُعزز صمود المقاتلين، فكان الكثير من الأهالي يتركون بيوتهم تحت تصرف المقاومين، ويُوفرون لهم ما يُمكّنهم من الصمود ويشدّون من أزرهم. كانوا بهذا يشعرون بأنّهم يُساهمون في المقاومة. وهو ما انعكس إيجاباً على نفسية كل مقاوم، فدفَعه للاستبسال في مواجهة العدو الصهيوني". [B]انتفاضة القدس[/B] ما يلبث أن تنتهي ذكرى انتفاضة، حتى تأتي الأخرى، فغداً الذكرى السنوية الأولى لاندلاع انتفاضة القدس الشعبية، التي لا يزال فتيلها يشتعل حتى اللحظة بنفَسِ الفدائيين وسكاكينهم، وإرادتهم القوية، لدحر الاحتلال، و الدفاع عن أرضه ومقدّساته، دون تدخّل مُعلن وواضح من قبل الأجنحة العسكرية لفصائل المقاومة، الأمر الذي من شأنه صُنع تغيير جذري في مدى تأثير الانتفاضة وحجمها. وفي الرد على هذه الطرح، يقول الناطق باسم كتائب الشهيد أبو علي مصطفى، "إنّ جميع الانتفاضات هي ذات طابع شعبي، وإسناد الفصائل لها يكون بأفعال مُقاومة ذات أشكال مختلفة، كما أنّ المشاركين في التظاهرات والأعمال البطولية التي جرى تنفيذها، ينتمون لفصائل المقاومة، حتى لو كان بعضها ارتجاليٌّ فرديٌّ"، مشيراً إلى أنّ فصائل المقاومة تُنفذ عمليات عديدة لا يتم الإعلان عنها، وقتما تحتاج الانتفاضة. وأكمل "الانتفاضة لابد أن تستمر بطابعها الشعبي مع الحفاظ على مستوى دعم مُقاوم مساند لها، فلا يجوز ترك شعبنا يواجه الاحتلال في الميدان وحده". وفي السياق، دعت كتائب أبو علي المستوى السياسي الفلسطيني المُتمثل بالسلطة الوطنية، إلى تكثيف تحركه على كل المستويات لدعم الانتفاضة والابتعاد عن إدانة أي فعل مقاوم أو ملاحقة واعتقال نشطاء المقاومة، ووقف التنسيق الأمني الذي أثقل كاهل شعبنا وأضر به وبانتفاضته. كما دعت الكتائب إلى "توحيد جهود الشعب الفلسطيني ومقاومته وتنظيم صفوفه، حتى تتواصل الانتفاضة بزخم أكثر وبشكل منظم، من خلال تشكيل قيادة وطنية موحدة لها"، مؤكّدةً أنها تتواجد في الميدان، وستبقى، داعيةً الشباب المنتفض للتوحد، ومواصلة الضربات للعدو في كل مكان و بكل ما تتوفر لهم من وسائل.[/JUSTIFY]