انتفاضة الأقصى.. 20 عامًا وجذوة الثورة مستمرة
28 سبتمبر 2020

في الثامن والعشرين من
سبتمبر/أيلول عام 2000 كان الشعب الفلسطيني على موعد مع انتفاضة ثانية،عُبد طريقها
بالدماء والتضحيات، ودفع ضريبة باهظة لحراسة المسجد الأقصى وتطهيره من دنس
المحتلين الصهاينة، لذلك أطلق الفلسطينيون عليها "انتفاضة الأقصى".
كتائب الشهيد أبو علي
مصطفى كانت في حينها تعمل تحت اسم "قوات المقاومة الشعبية" وكان لها دور
بارز في مواجهة جنود ومستوطني كيان الاحتلال وأوقعت الخسائر في صفوفهم رداُ على
الجرائم التي ارتكبت بحق أبناء شعبنا.
ففي الثلاثين من
الشهر نفسه التي اندلعت فيه الانتفاضة، قتل الطفل الفلسطيني محمد جمال الدرة بعد
أن حاصرته النيران الصهيونية بين يدي أبيه وأمام كاميرات التلفاز، فأصبح بعد هذا
المشهد الذي هز العالم رمزا للانتفاضة الفلسطينية.
واندلعت انتفاضة الأقصى
تعبيرًا عن مرحلة جديدة في تاريخ الصراع الفلسطيني الصهيوني، وذلك في ضوء ما آلت
إليه عملية التسوية التي جاءت بعد توقف الانتفاضة الأولى والمتمثلة بما تسمى
"أوسلو" والتي لم تجلب للشعب الفلسطيني إلا مزيدا من الدمار والضياع
والنكبة للقضية الفلسطينية.
وفي ضوء تعاظم الضغط
الصهيوني على الشعب الفلسطيني، انطلقت الانتفاضة الثانية، وتركت بصمات واضحة على
مسيرة الصراع، لا في فلسطين فحسب، بل في بُعد الصراع العربي والعالمي.
وخلال اشتعال الانتفاضة،
تغيرت رئاسات الحكومة في الكيان الصهيوني وأمريكا، كما تغيرت المواقف، وتحركت
المياه الراكدة بعد طول انتظار.
وولدت هذه الانتفاضة على
أرضية مهيأة لها، ومعدة لانفجارها، كما ولدت في زمن تضافرت فيه كل الظروف
والمناخات، لتفاعلها واشتعال نارها.
ولم تكن انطلاقتها عبثية
عشوائية من غير قاعدة أو أساس، بل انطلقت بشكل مدروس، نتيجة لاختناقات انفجرت مع
توافر الأسباب، لتحقيق أهداف آنية، وأهداف مرحلية، وأهداف بعيدة المدى.
كثيرة هي الأحداث التي
جعلت الأوضاع تنقلب رأسا على عقب ولكن الحدث الأبرز الذي فجر الانتفاضة وأشعلها
وسميت نسبة له، هو اقتحام زعيم حزب الليكود آنذاك "أرييل شارون" المسجد
الأقصى بحراسة أكثر من ألفي ضابط وجندي.
وعندما وصل ساحة المسجد،
فجر وصوله كوامن الغضب لدى المقدسيين وأبناء شعبنا في كل مكان، الذين هبوا لصده
وجنوده. فهاجموهم بالحجارة والزجاجات، وكل ما وقعت عليه أيديهم، بعنف لم يسبق له
مثيل.
وقد أجبر الهجوم شارون
وجنوده على التراجع، بعد أن أصيب منهم أكثر من خمسة وعشرين ضابطًا وجنديًا.
وعقب فشل الاقتحام بيوم
واحد، ارتكب الصهاينة مجزرة في ساحة المسجد الأقصى المبارك، كانت حصيلتها 8 شهداء،
و7 فقدوا البصر، و220 جريحاً.
وفي اليوم التالي سادت
المناطق الفلسطينية حالة من الغليان والغضب الشديدين، منذ صباح السبت 30 سبتمبر
احتجاجاً على المجزرة البشعة، التي ارتكبتها قوات الاحتلال يوم الجمعة 29 سبتمبر
2000م، في ساحات المسجد الأقصى المبارك.
وتميزت هذه الانتفاضة
باستخدام السلاح وكثرة العمليات الاستشهادية، وقدم خلالها الشعب أكثر
من أربعة آلاف شهيد وأكثر من 48 ألف جريح.
وشاركت جميع القوى
الفلسطينية في هذه الانتفاضة بما في ذلك القوى المؤيدة لعملية التسوية في مؤشر
واضح على إحباط هذه القوى وعلى رأسها حركة فتح وشعورها بخيبة الأمل من عملية
التسوية.
وشهدت انتفاضة الأقصى
إجماعًا وطنيًا رغم عدم توافق البرامج السياسية للقوى الوطنية والإسلامية المشاركة
فيها.
وفي هذا السياق يأتي موقف
الشارع العربي الذي فرض نفسه بقوة من خلال المظاهرات والاحتجاجات التي عمت الدول
العربية من المحيط إلى الخليج، وهو الموقف الذي دعا إلى إسناد الانتفاضة بالنار
العربية وبسلاح النفط وقطع العلاقات مع الكيان الصهيوني.
إلا أن هذا الموقف الشعبي لم يكن له صدى رسمي يتناسب معه، فكانت قرارات القمة
العربية أقل من الحد الأدنى المتوقع وهو قطع العلاقات مع العدو الصهيوني ووقف
التطبيع معه وسحب السفراء العرب من تل الربيع المحتلة إذ اكتفت هذه القمة بالإشادة
بالانتفاضة وإيجاد صناديق مالية بقيمة مليار دولار لدعمها.
وبعد مرور عشرين عاما على
انتفاضة الأقصى التي آلمت العدو وجعلته يحسب ألف حساب في مواجهته للشعب الفلسطيني
وقوى المقاومة جمعاء، تؤكد كافة الأجنحة العسكرية وعلى رأسها كتائب الشهيد أبو علي
مصطفى أنها ماضية بقوة في طريق المقاومة واليوم باتت أقوى بأضعاف ما كانت عليه في
السابق، بفضل محور المقاومة المتماسك والداعم للقضية الفلسطينية بالمال والسلاح،
وأمام هذا نقول للصهاينة المحتلين أن دماء الفلسطينيين التي سالت على أرضهم لن
تذهب هدرا وسيأتي اليوم الذي سنريكم فيه جبروت المقاومة وغضبات النسور.
ورسالتنا في كتائب الشهيد أبو علي مصطفى لأسرانا القابضين على الجمر، الصامدون في عرينهم، نعدكم أننا سنواصل طريق النضال حتى حريتكم الكاملة وإلى كل أبناء شعبنا في الوطن والشتات عهد وقسم أن نبقى كما عاهدتمونا متمسكين بخيار المقاومة حتى الخلاص من الاحتلال والعودة لأراضينا كاملة من النهر إلى البحر.