الذكرى السنوية لاستشهاد القائدين فرسان كتائب أبو علي "يامن فرج وأمجد مليطات"

06 يوليو 2022

تصادف اليوم الذكرى الثامنة عشر لاستشهاد يامن فرج وأمجد مليطات قادة كتائب الشهيد أبو علي مصطفى الجناح العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

 

*الشهيد البطل الرفيق يامن فرج*

 

القائد العام لكتائب الشهيد أبو علي مصطفى

 

 

ولد الشهيد القائد يامن طيب علي فرج في مدينة نابلس الشموخ بتاريخ 14/8/1978 وهو من سكان قرية مأدما.

 

درس في مدرسة مادما الثانوية، والتحق الرفيق بصفوف إتحاد لجان الطلبة الثانويين وسرعان ما برزت ملامحه القيادية في هذه الفترة، ومنذ نعومة أظافره التحق رفيقنا بصفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في قريته مادما، ومع اشتداد عضده كان من أبرز قيادييها وعضواً في الهيئة الإدارية للمنظمة.

 

في العام 1996 أنهى رفيقنا دراسته الثانوية العامة بمعدل 84% والتحق بجامعة النجاح الوطنية ليكمل دراسته الجامعية.

 

اعتقل في ذات العام من قبل قوات الاحتلال الصهيوني بتهمة الانتماء للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والقيام بأعمال تحريض ضد الاحتلال، وكما عودنا رفيقنا دائماً بأن تبقى النسور وفي كل المواقف شامخة، خرج رفيقنا من أقبية التحقيق منتصراً دون أن ينالوا من عزيمته وإرادته واستمرت فترة اعتقاله عام ونصف وتنقل خلالها من معتقل الجلمة إلى مجدو ثم إلى نفحة.

 

في العام 1997 عاد الرفيق إلى دراسته في جامعة النجاح طالباً في قسم الصحافة ليتم انتخابه سكرتيرا لجبهة العمل الطلابي التقدمية في عام 1998 حتى أنهى دراسته الجامعية عام 2002.

 

مع بداية انتفاضة الأقصى وفي أول أيام المواجهات أصيب الرفيق القائد وهو يتقدم صفوف المتظاهرين في منطقة شارع القدس عندما كان يحاول إنقاذ الشهيد جهاد العالول.

 

التحق الرفيق القائد في صفوف كتائب الشهيد أبو علي مصطفى مع بداية المواجهة المسلحة وتأسيس الكتائب ليصبح في عام 2003 القائد العام للكتائب، وفي أثناء مطاردته حصل رفيقنا على عضوية اللجنة المركزية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

 

طورد من قبل قوات الاحتلال لأكثر من ثلاث سنوات حيث اتهمته بإرسال عدد من النسور الاستشهادين والاشتباك المباشر مع قواتهم المحتلة لأرضنا.

 

تعرض رفيقنا خلال مطاردته لعدة محاولات اغتيال فاشلة ولكن لحنكته ووعيه العسكري وحسه الأمني كان ينجو ويؤجل الشهادة لحصد المزيد من القتلة الصهاينة.

 

حدثت مضايقات عدة والضغط على رفيقنا عبر عدة طرق ووسائل كان منها هدم وتدمير منزل عائلته واعتقال  أخوانه بين الفترة والأخرى واقتحام منزل أسرته بين الفينة والأخرى.

 

اتهمته قوات الاحتلال بتجهيز رفيق دربه وعمره الاستشهادي شادي نصار منفذ عملية مغتصبة "آرئيل"  والاستشهادي سائد حنني منفذ عملية مغتصبة "بيتح تكفا" والاستشهادي زياد سلامة منفذ عملية مغتصبة الحمرا والعديد من العمليات البطولية.

 

كان رفيقنا هدفاً دائماً وحيوياً لأجهزة المخابرات الصهيونية لتصفيته على رأس قائمة المطلوبين للاغتيال من قبل قوات الجيش الصهيوني.

 

جسّد رفيقنا أسمى معاني الوحدة الوطنية على أرض الواقع من خلال العمل الوحدوي الميداني مع مجموعة من الرفاق والأخوة والمجاهدين الشهداء في فترة ملاحقته ومن أبرز رفاقه الشهداء القادة فادي حنني والرفيق الشهيد جبريل عواد والرفيق الشهيد امجد مليطات والأخوة الشهداء القادة نادر أبو ليل ونايف أبوشرخ والمجاهد القائد الشهيد الشيخ إبراهيم.

 

تميز رفيقنا بوعيه السياسي والعسكري والأخلاق العالية المشهود له بها من جميع من عرفه وكان رفيقنا يتحلى بالأخلاق الجبهاوية الثورية التي استقاها من أدبيات الجبهة.

 

في يوم 6/7/2004 ترجل فارسنا المقاتل المطارد الجبهاوي الجيفاري الأحمر ورفيقه أمجد مليطات أثناء محاولة اغتيالهم، حيث جعلوا من هذا اليوم يوماً آخر من أيام انتصارات شعبنا العظيم ملقنين قوات الاحتلال وقادتهم دروساً في فنون القتال والإرادة الجبهاوية الحديدية، فخاض رفيقينا معركة غير متكافئة العدد والعتاد، استخدم فيها العدو الصواريخ والقذائف النارية والرصاص المكثف من طائراته ودباباته وجنوده ومن كافة المحاور، حيث دام الاشتباك مع رفيقينا أكثر من أربع ساعات وأوقعا خسائر فادحة بصفوف جيش الاحتلال الصهيوني فقتل ضابط الوحدة والعديد من الجنود وأصيب عدد أخر بجروح فنال رفيقنا أمجد الشهادة وهو يصيح وبأعلى صوته نسور كتائب أبو على مصطفى لا تسلم نفسها.

 

ويحصد رفيقنا يامن ثمار تضحياته بالشهادة ليغادرنا إلى الشمس مقبرة النسور، وبهذا رسم لنا رفاقنا القادة خريطة الوطن، رسموها بدمائهم وعذاباتهم، قضوا على درب قادتنا الشهداء غسان كنفاني وأبو منصور وجيفارا غزة و الراعي ووديع حداد والنجار وربحي حداد والرفيق القائد أبو علي مصطفى وكل هؤلاء الشهداء الذين رسموا خارطة الوطن بقطرات دمائهم.

 

 

*الشهيد البطل الرفيق أمجد مليطات*

 

نائب القائد العام لكتائب الشهيد أبو علي مصطفى

 

 

ولد شهيدنا البطل في بلدة بيت فوريك قضاء نابلس في 27/7/1973 ليعيش في قريته بيت فوريك ويتربى على حب الارض، وكما كل الفلاحين تعلم رفيقنا القائد مفاهيم العطاء المنقطع النظير من قربه للأرض التي تعطي محبيها دون انقطاع.

 

درس رفيقنا في مدارس البلدة وفي الصف الأول الإعدادي ترك مقاعد الدراسة ليصبح عاملا في البناء كسائر اخوته طلباً للعيش الكريم الذي آمن رفيقنا أنه لا يأتي إلا بالعمل وهو متزوج منذ خمس سنوات وينتمي إلى أسرة مناضلة قدمت للوطن الغالي والنفيس وآخرها تواجد اثنين من أشقائه في سجون الاحتلال أحدهما محكوم بالسجن ثمانية سنوات والآخر ينتظر محاكمة.

 

في بواكير صباه وفي سن الرابعة عشرة تحديداً التحق رفيقنا في صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وكان نشيطاً بارزاً مثالاً للشجاعة والإقدام الجسور كما شهد له كافة رفاقه في مختلف مراحل حياته.

 

في بداية انتفاضة الأقصى لبى نداء الوطن نداء المقاومة والتحق في صفوف قوات المقاومة الشعبية قبل أن تصبح كتائب الشهيد أبو علي مصطفى لتشهد له ورفاقه ومنذ اللحظة الأولى في انتفاضة الاقصى العديد من العمليات البطولية بزرع العبوات والاشتباكات والكمائن المستهدفة جنود الصهاينة وقطعان المستوطنين في مغتصبات (الون موريه – ايتمار) والشارع الالتفافي المحاذي لبيت فوريك وسالم، فغدا مطارداً مطلوباً للصهاينة بأي ثمن، مسبباً لأجهزة المخابرات الصهيونية حالة من الجنون والهستيريا لنشاطه العسكري الدؤوب.

 

وأخيرا وفي فجر 6/7/2004 يتقدم رفيقنا القائد وبصحبة الرفيق يامن طيب فرج القائد العام لكتائب الشهيد أبو علي مصطفى لخوض معركة بطولية شهدت لها جماهير شعبنا الفلسطيني في مدينة جبل النار نابلس حيث واجه شهدائنا القادة أرتال الجنود المدعمين بالدبابات والطائرات على مدى أربع ساعات من القتال الدموي أوقع فيه رفاقنا الأبطال أفدح الخسائر في جانب العدو قبل أن يحلقا إلى أعالي المجد شهداء دون أن تمس ظهورهم رصاصة واحدة حيث اتضح أن الرصاص الذي أصابهم في كل أنحاء أجسادهم أطلق عليهم من أمامهم ليدل أن رفاقنا واجهوا العدو وجها لوجه حتى آخر رصاصة وآخر قطرة دم، وبذلك حقق شهيدنا وصيته لأمه حين كان يقول لها أثناء مسيرته في المطاردة، أمي لا تحزني عليّ فقد وهبت نفسي باقة ورد متواضعة هدية للوطن وللجبهة الشعبية واعلمي أني أقول لك إن سقطت رمياً بالرصاص من الخلف فلا تسألي عني وإني أعدك أن لا استشهد إلا برصاصة من الأمام.

 

 أقدم العدو بعد أن تجرع المرار على هدم منزل عائلة رفيقنا أمجد الذي يأوي أفراد أسرته، ومنع والده من المرور عبر الحاجز المقام على مدخل بيت فوريك وهو يتصارع مع الموت إثر وعكة صحية حادة فاحتجزوه لمدة ساعتين ولم يسمح له بالمرور إلا بعد تأكدهم من مفارقته للحياة.

 

عندما استشهد الرفيقان فادي حنيني وجبريل عواد، أغلق يامن وامجد أجهزتهما الخلوية خمسة أيام متتالية وفي اليوم السادس قال يامن لرفاقه: انتظرونا غدا، أما في اليوم السابع فقد قال أمجد: مبروك، لقد انتقمنا لدم فادي وجبريل، حيث كانت العملية الاستشهادية في وسط تل أبيب والتي نفذها الشهيد البطل سائد حنني.

 

هكذا هم الرفاق يصونون العهد ويصدقون الوعد ..

 

 

يوم الإستشهاد

 

الجند من فوقهم .. من تحتهم .. الجند من أمامهم .. من خلفهم من ثوب الليل يخرجون .. ومن عتمة الزوايا يطلعون .. لا خيار أمامهم غير المقاومة والتصدي .. فقد حانت اللحظة الحاسمة .. القبضات تشتد حول المسدسين .. والأصابع تلتف حول عنق القنابل .. لا خيار .. قال يامن: سنقاتل .. لا خيار .. قال امجد: سنقاتل .. كانوا اثنين فقط .. مسدسين محشوان بالرصاص وثلاث قنابل ولا شيء آخر غير إرادة التحدي والمقاومة .. ومن حولهم مئات البنادق الحاقدة والدبابات المستعرة .. والطائرات القاتلة تمزق سكون الليل .. فاختاروا المواجهة ..

 

القنبلة الأولى تقتل قائد الوحدة المستعربة وتجرح آخرين والثانية خانت العهد ولم تنفجر .. فالقنابل مثل البشر فيها من يواصل الدرب حتى نهايته وفيها من يستريح أو حتى يخون .. يتراجع الجند مذعورين مقهورين .. مرتجفين .. فقد باغتتهم كتائب الشهيد أبو علي مصطفى .. يصيح أحد الجنود عبر مكبرات الصوت لا يدعوهم للاستسلام أو الخضوع كعادته .. بل يرجوهم أن يوقفوا إطلاق النار حتى يلملموا أشلاء جنودهم الصرعى ..

 

يرفض الرفيقان العرض!! يرمي أحدهم بالقنبلة الثالثة داعيا لها بالتوفيق .. فتقتل آخر وتجرح من تواجد في محيط فعلها .. يركض الرفيق صوب الجند الصرعى فيتمكن من نزع قطعتي سلاح، بندقية من طراز أم 18 .. وراجمة صواريخ تعلق على الكتف ..

 

تبدأ المعركة من جديد .. ويتعالى أزيز الرصاص وفرقعة القنابل والقذائف ..

 

يقول يامن لرفيقه: اذهب يا رفيقي صوب المخيم .. فهناك قد تنجو وتواصل المسيرة من بعدي .. اذهب يا رفيقي .. سأحمي ظهرك .. يرد أمجد لا .. هذه معركتي أنا .. اصعد أنت صوب الجبل فجبل النار فوقك .. وجبل النار ولادة الثوار .. اذهب يا رفيقي سأوقف زحفهم وحدي .. يتبادلان نظرات التمرد والتحدي والمودة وكل منهما يأخذ موقعا لحماية الآخر.

 

الدبابات تقصف .. والطائرات تقصف .. والرشاشات الثقيلة ترسل حممها القاتلة .. وبين القذيفة والقذيفة يطلق الرفاق رصاصاتهم .. واحدة .. واحدة .. فالرصاص في جعبتهم اقل بكثير من عدد الجنود وتستمر المعركة لأكثر من ساعتين بشكل متواصل .. وبين القذيفة والصاروخ يطلق الرفاق رصاصة أو اثنتين إصرارا على التحدي ومواصلة المعركة حتى الطلقة الأخيرة.

 

يسقط رفيق .. يرفعه الرصاص الغزير الى أعلى الشجرة ..

 

كأنه يقول: سأموت .. ولكن كالأشجار واقفا ..

 

ويبقى الآخر لساعتين أخريين ينزف من قدميه وفخذيه وصدره .. ويحمل مسدسا واحدا وطلقة واحدة ..

 

يخشى الجند من الاقتراب نحوه .. يطلبون من أحد السكان إحضاره .. وعندما هم برفعه عن الأرض قال له هامساً عندما توصلني إليهم ابتعد عني مسرعاً كي لا تموت معي .. ولكن رجائي أن تضعني على صدري .. رفعه الرجل وفعل ما طلب منه .. اقترب الجنود نحوه .. ركله احدهم بقدميه كي يقلبه على ظهره .. فما كان من الرفيق إلا أن أطلق رصاصته الأخيرة على الجندي وحاول أن ينتصب على قدميه الممزقتين بالرصاص لكنهما خانتاه فانتصبت قامته وواجه رصاصاتهم المسعورة بكل شجاعة..فسقط الجسد الطاهر على الأرض وطار نصف الرأس إلى أعلى الشجرة كأنه يريد أن يقول ..

 

لقد نلت منكم .. ومت واقفا كشجرة

 

هنيئا لك يا يامن .. هنيئا لك يا أمجد

 

فقد عشتم شرفاء .. واستشهدتم بشرف

 

الصورة الثالثة قيد التحميض!!!

 

ها أنت تطلب ثأراً يطول ... وليلاً يزول ...

 

شيء من الحق في هذا العمر القليل

 

إنه ليس ثأرك وحدك ... لكنه ثأر جيلاً فجيل ...

 

غداً

 

سوف يولد من يلبس الدرع كامله

 

يوقد النار شاملة ... يطلب الثأر

 

ويستولد الحق من أضلع المستحيل

 

فيامن الأسماء ... أيسرها سبيل ...

 

يامن الأسماء ... أيسرها سبيل ...