كلمة الجبهة التي القاها الرفيق جميل المجدلاوي في مهرجان الذكرى 46 لانطلاقة الجبهة
08 أغسطس 2018

[JUSTIFY]كلمة الرفيق جميل المجدلاوي في مهرجان الذكرى السادسة والأربعين لانطلاقة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الحضور الكريم أيتها الرفيقات .. أيها الرفاق باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين باسم قيادة الجبهة .. لجنتها المركزية ومكتبها السياسي باسم كوادرها وأعضائها باسم كتائبها .. كتائب الشهيد أبو علي مصطفى باسم أنصارها ومؤيديها نرحب بكم في هذا الحشد الوطني الكبير، ونحن نحتفل معاً بالذكرى السادسة والأربعين لانطلاقة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. جبهة لليسار، جبهة للثوريين الوطنيين الديمقراطيين، جبهة لجماهير الشعب المناضلة من أجل تحرير فلسطين، وطناً لكل أبنائه، يعيشون فيه بكرامة وحرية وبعدالة اجتماعية تنصف العاملين والكادحين وتحول دون استغلال الإنسان. اسمحوا لي باسمكم أن نوجه التحية للشهداء، كل الشهداء الذين شقّوا لنا طريق النضال وعبّدوه بحياتهم، وهي أغلى وأعظم ما يجود به الإنسان. نوجه التحية لأسرانا البواسل الذين أراد العدو أن يكسر إرادتهم، فكانوا المحاربين في خط الدفاع الأول عن الشعب والوطن، وأصبحوا المعلمين في أهم مدارس الثورة، وأكثرها وعياً وخصوبة. نوجه التحية لكل جماهير شعبنا داخل الوطن وفي منافي التهجير والشتات، وهم صابرون، صامدون، يعملون من أجل العودة للوطن، جماهيرنا في مخيمات الأردن، ولبنان، ومخيمات سوريا الذين يشكلون في هذه الأيام جرحاً عميقاً ونازفاً في جسمنا الفلسطيني يستوجب الدعم والرعاية والعمل من أجل رفع سيف القتل والتنكيل وإعادة التهجير الذي يمارس بحقهم، تحية إلى أهلنا في الأرض المحتلة منذ عام 1948 إلى أهلنا في النقب وهم يتصدون لمخططات التهجير الجديدة ومشروع برافر سيء الذكر. نحتفل بذكرى انطلاقة الجبهة الشعبية، التي أدركت وجسّدت كل أبعاد صراعنا ضد هذه الغزوة الصهيونية. أبعاده الوطنية الفلسطينية، والقومية العربية، وبُعده الأممي والإنساني، فهذا صراع ضد الاحتلال، والكيان الإسرائيلي والقوى الاستعمارية والإمبريالية التي سعت وعملت لإقامة هذا الكيان الصهيوني العنصري، التوسعي، الإجلائي والإحلالي في بلادنا، كخلية سرطانية تنهش الجسم العربي كلّه، وتحول دون وحدته ونهضته وتقدمه، ليكون، وليبقى مزرعة وسوقاً لها، ومورداً لطاقاتها، وممراً لجيوشها وبضائعها، وليصبح أخيراً مكباً لنفاياتها الذرية والسامة. الأخوات والإخوة .. الرفيقات والرفاق اليوم، نحتفل، لنؤكد العهد، عهد المناضلين، عهد الوفاء للوطن، للشعب، للأسرى، للجرحى، للشهداء، بأنكم في حدقات العيون، وأننا على درب الثورة والمقاومة سائرون حتى الانتصار، حتى تحرير الأرض والعودة إليها، وحتى يعيش أبناؤكم وأحفادكم بكرامة وحرية وعدل، نحتفل لنراجع معاً، وعلناً مسيرة عام كامل، نُراجع من موقعنا الوطني، والقومي، والإنساني التقدمي، فمن حق الجماهير علينا المصارحة، ومن حقها علينا أن نناقش معاً وجميعاً مسيرة كفاحنا على طريق الاستقلال والعودة. إن أبرز سمات الوضع الدولي خلال العام الماضي تتمثل في تراجع وزن وثقل القبضة الأمريكية التي أمسكت بالقرار وبالفعل الكوني طيلة عقدين من الزمان بدءاً بأوائل تسعينيات القرن العشرين المنصرم. فقد صمدت مراكز رفض الهيمنة الأمريكية في شرق آسيا بما فيها الصين والهند، أي ما يزيد عن 40% من مجموع البشر، وصمدت وتقدمت العديد من بلدان أمريكا اللاتينية، الحديقة الخلفية للبيت الأبيض وفق التوصيف والتسمية المعتمدة في الدوائر الحاكمة الأمريكية، واضطرت الولايات المتحدة لأن تستجيب لجنيف 2 في البحث عن حلول سلمية وسياسية للوضع في سوريا، متراجعة عما أطلقته هي وحلفاؤها من شياطين الإرهاب في هذا البلد العربي الشقيق، كما اضطرت قبل أسابيع قليلة أن تقبل بتسوية لأزمة الطاقة النووية في إيران. إن أهمية الإشارة إلى تراجع القبضة الأمريكية، تنبع من حقيقة أن إضعاف قائدة الإمبريالية والظلم في العالم ستعني بالضرورة ضعف لمعسكر الأعداء الذي يدعم ويساند العدوان الصهيوني على شعبنا، نؤكد على هذه الحقيقة رغم وعينا بأن الولايات المتحدة الأمريكية لا زالت القوة الاقتصادية والعسكرية الأولى في هذا العالم، وأن أمامنا وأمام الشعوب والطبقات المستغَلة سنوات مديدة من النضال لتحقيق العدل والمساواة المنشودين على الصعيد العالمي. وعلى الصعيد العربي، ورغم تعقد وانحناءات مسيرة شعوبنا العربية إلا أننا نتابع بارتياح وندعم ما يجري في تونس من محاولات محاصرة التفرد، والعمل على حماية التعددية والديمقراطية في تونس. وكما وقفنا مع ثورة الشعب المصري الشقيق في 25 يناير 2011 التي أطاحت بحكم الاستبداد والفساد والتوريث، فقد أيدنا انتفاضة الشباب المصري في 30 يونيه حزيران ضد سياسات التفرد ومحاولة أخوّنة المجتمع المصري دستوراً وقانوناً ومؤسسات لصالح التعدد والديمقراطية لكل الأطياف الفكرية والسياسية والاجتماعية. ونتابع بألم ما يجري في سوريا من قتل وتدمير، ونؤكد وقوفنا إلى جانب الشعب السوري وقواه الديمقراطية في النضال من أجل ترسيخ وحدة سوريا ونيل الحريات الديمقراطية والحقوق المتكافئة لكل أبناء الشعب السوري وقواه السياسية والاجتماعية دون تفرد أو تمييز، ولكننا في نفس الوقت نقف بكل قوة ضد التدخل الخارجي الذي يهدف استنزاف وتدمير إمكانيات هذا البلد العربي العريق، ونقف ضد تحويل سوريا إلى مزرعة جديدة لتفريخ منظمات الإرهاب والتخلف والظلامية التي أطلقتها الإمبريالية الأمريكية وأتباعها في بلادنا، ليتأكد من جديد غباء هذه الإمبريالية وعدم تعلمها من درس التاريخ ومن حصادها وحصاد البشرية المرّ من تجربتها في أفغانستان وفي عراقنا الشقيق. أما على الصعيد الفلسطيني، فقد كان الحصاد خلال العام الماضي أقل بكثير من تضحيات شعبنا، وأقل من طموحنا، وما كان بإمكاننا وبيدنا إنجازه. فالانقسام الكارثي لا يزال بكل تبعاته وتداعياته السلبية على القضية وعلى الشعب وعلى كفاحنا الوطني كله ... فالمقاومة بكل أشكالها المسلحة والجماهيرية أضعف مما ينبغي ومما نستطيع. ويزيد الانقسام المفاوض ضعفاً على ضعف ويُفاقم الخلل في ميزان القوى لصالح العدو الصهيوني. والتعدي على الحريات الشخصية والعامة يجد ذريعة لاستمراره وزيادته في الانقسام وإشهار سيف الاعتبارات الأمنية التي يُشهرها طرفي الانقسام في وجه الشعب في كل مرة تحاول المعارضة التعبير عن رفضها أو حتى نقدها للسياسات والممارسات السلبية سواء هنا في غزة أو هناك في الضفة. والأجهزة الأمنية تتغوّل على جماهير الشعب مسنودة بالسلطة من جهة وبالانقسام العامودي الذي يشلّ فاعلية القسم الأعظم من شعبنا فيتصرف أنصار كل من طرفي الانقسام وفقاً للفهم والممارسة السلبية للقول "أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً". وهكذا يظل الانقسام الوجه السلبي الأول في المشهد الفلسطيني الراهن. والوجه السلبي الثاني هو العودة علناً ورسمياً للمفاوضات العبثية والضارة مع العدو الصهيوني، وقد شهد العام 2012 إمعاناً في الخطأ، عندما أقدم الفريق المتنفذ في منظمة التحرير الفلسطينية على هذه المفاوضات متجاوزاً ومتحدياً رأي الأغلبية الكبيرة في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وأضاف لسلبيات المفاوضات سلبية جديدة عندما أقدم على تأجيل ذهابنا لعضوية اللجان والمؤسسات الدولية التي تمكننا من ملاحقة الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه بحق الشعب والأرض والمقدسات، وتمكننا أيضاً من ملاحقة قيادات الكيان الصهيوني كمجرمي حرب في العديد من بلدان العالم. إن بديلنا لهذه المفاوضات والسياسات المرتبطة بها هو استمرار المقاومة بكل أشكالها والدعوة لمؤتمر دولي لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية التي تُؤكد وتُقر حقوق شعبنا في العودة والدولة وتقرير المصير. الحضور الكريم إن هذه المحصلة السلبية التي أبرزتها لا تلغي ولا تُغيّب الإشراقات المضيئة التي تؤشر على المستقبل وما سيحمله من انتصار مؤكد لشعبنا على هذا العدو المجرم. فصمود شعبنا في كل المناطق بما فيها، بل وأولها القدس عاصمة دولة فلسطين يستحق منا جميعاً الدعم والاعتزاز، ومقاومة شعبنا بكل أشكالها للعدو ومخططاته مستمرة ومتواصلة، ومظاهر الدعم والتأييد لشعبنا ولكفاحنا الوطني تتزايد داخل فلسطين وخارجها، فالمئات من المتضامنين الأجانب يتصدون للاستيطان ولجنود المستوطنين بالصدور العارية وجنباً إلى جنب مع أبناء شعبنا الفلسطيني الصامد البطل. وتتسع أشكال المقاطعة في أكثر من مكان في هذا العالم على مختلف الأصعدة السياسية والثقافية والاقتصادية. وأمامنا مساحة واسعة من الصراع مع هذا العدو لم نملأها بعد، أمامنا المؤسسات الدولية، أمامنا قرار محكمة العدل الدولية ضد جدار الفصل والضم العنصري، أمامنا اتفاقيات جنيف والرابعة منها على وجه الخصوص التي تؤكد على حق شعبنا في المقاومة وعلى عدم شرعية إجراءات الاحتلال. أمامنا مساحة واسعة لزيادة مقاومتنا بكل أشكالها وأمامنا قبل هذا كله استعادة وحدتنا لنستطيع الفعل أفضل في كل هذه العناوين. الأخوات .. الرفيقات .. الإخوة .. الرفاق ونحن نتحدث هنا، على أرض الكتيبة في مدينة غزة، التي سعينا لتكون مكاناً مفتوحاً لكل ألوان الطيف الفلسطيني بعيداً عن كل أشكال الاستئثار والتفرد، واجب علينا أن نصارح الجميع، نصارح أبناء شعبنا، ونصارح الرئيس أبو مازن والإخوة في حركة فتح، ونصارح بشكل خاص الإخوة في حركة حماس، باعتبارهم حكام القطاع والقائمين على سلطته، نقول لكم أيها الإخوة جميعاً .. لقد كانت الآثار المباشرة والضارة للانقسام على جماهير شعبنا في قطاع غزة أثقل وأشد وطأة من آثاره على باقي أبناء وتجمعات شعبنا ولا نبالغ إذا قلنا أن آثار الانقسام السلبية تطال كل جوانب حياتنا .. فقد ساهم الانقسام في زيادة وتوسيع دائرة الحصار على قطاعنا الحبيب، الحصار بكل أشكاله الذي يطال أبسط ضرورات الحياة من الغذاء والدواء ومواد البناء والمحروقات ليتجلى ويتكثف كل ذلك مع الظلام والخراب الناجم عن أزمة الكهرباء في القطاع، ويمتد ليشمل تحويل القطاع إلى سجن كبير بسبب الإغلاقات الطويلة والمتكررة لمعبر رفح، المنفذ الوحيد لأبناء القطاع في علاقتهم بالعالم الخارجي، يُضاف إلى ذلك كله البطالة الواسعة والمتزايدة لعشرات الألوف من شبابنا وخريجي الجامعات على وجه الخصوص وأزمة مياه الشرب تزداد وتتعقد في كل يوم، وتزداد المشكلات في قطاع الصحة والتعليم وتتفاقم أزمة الصرف الصحي إلى آخر القائمة التي تبدو وكأنه لا نهاية لها. يضاف إلى كل ذلك وقف وتجميد الكثير من حقوق العاملين التابعين للسلطة في رام الله وكأنه لا يكفيهم معاناتهم الميدانية هنا فيعاقبون بدلاً من دعمهم والوقوف إلى جانبهم. ويلاحق الصيادون في عرض البحر وتتراجع خدمات وكالة غوث اللاجئين الذين يشكلون أكثر من ثلثي سكان القطاع، فالبؤس يطال كل قطاعات شعبنا والفقراء والكادحين على وجه الخصوص. إننا ندرك بطبيعة الحال أن المسؤول الأول عن معاناة شعبنا في القطاع هو المحتل الإسرائيلي وسياساته وإجراءاته التعسفية والظالمة واللا إنسانية، وندرك أيضاً دور العوامل الإقليمية والخارجية عموماً في بعض معاناتنا، ولكننا نقول بوضوح، أن كل ذلك لا يعفي سلطة حماس من مسؤوليتها تجاه المعاناة الخاصة لأبناء القطاع، فهم السلطة وهم أصحاب الولاية ومن واجبهم أن يعملوا على تخفيف معاناة الناس والاستجابة إلى مصالح الجماهير واحتياجاتها فهذا أول واجبات السلطة ومن يتقدم لها، كما ندعو الإخوة في حماس إلى أن يتجنبوا كل ما يُعمّق الانقسام، فيوقفوا هذا السيل المتزايد من القوانين التي تُغيّر من أحكام القانون الأساسي وتُعقّد سعينا للوحدة. ونحن لا نتفهم، ولا نقبل تغيير مناهج التعليم ومؤسساته خطوة .. خطوة على طريق حمسنتها تعقيداً إضافياً وخطيراً لطريق الوحدة. لا نتفهم ولا نقبل القيود التي تضعونها على كل محاولة للتظاهر أو الاعتصام السلمي والتي تصل في كثير من الأحيان إلى رفض السماح لها بذريعة الاعتبارات الأمنية. ومع قناعتنا بأن هناك مبالغة كبيرة من قبل بعض دوائر الإعلام في مصر الشقيقة فيما ينسب إلى حماس إلا أن الإخوة في حماس مطالبون بمراجعة بعض سياساتهم بما يساعد في فكفكة بعض التعقيدات التي يدفع شعبنا كله ثمنها. إخوتنا في حركة فتح إخوتنا في حركة حماس الإخوة والرفاق في كل فصائل العمل الوطني والإسلامي يا جماهير شعبنا الصابر الصامد المناضل الطريق إلى إنهاء هذا الانقسام، واستعادة الوحدة أصبحت واضحة كل الوضوح لكل من يريد أن يكون مخلصاً وصادقاً مع هذا الشعب ووحدته، فلدينا وثيقة الوفاق الوطني التي يمكن أن يُشتق منها ويُبنى عليها برنامج القواسم المشترك لاستعادة الوحدة والتوافق القادم. ولدينا تفاهمات المصالحة المتكررة في القاهرة وقد أجمعنا عليها أكثر من مرة، ولدينا لجان المصالحة الخمس التي توافقت على آليات إنهاء الانقسام بالإجماع. انطلاقاً من كل ذلك، فإننا نتقدم علناً وأمام الجميع بالمبادرة التالية، كآلية لإنهاء هذا الانقسام: أولاً: دعوة لجنة الإطار القيادي لمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها المرجعية المسؤولة عن متابعة وتنفيذ آليات المصالحة. ثانياً: أن يباشر الرئيس أبو مازن بتشكيل حكومة التوافق الوطني ويصدر مرسوماً بها، ويصدر في نفس الوقت مرسوماً بإجراء الانتخابات التشريعية لدولة فلسطين في وقف لا يتجاوز ستة أشهر من تاريخه. ثالثاً: أن يتحدد موعد إعادة تشكيل المجلس الوطني بالانتخابات في موعد لا يتجاوز نهاية العام القادم وفقاً لمبدأ التمثيل النسبي حيثما أمكن ذلك، وبأعلى توافق وطني ديمقراطي حيث لا نستطيع إجراء الانتخابات. رابعاً: أن يستجيب الإخوة في حركة حماس لإرادة الكل الوطني والإسلامي بأن تكون انتخابات المجلس التشريعي كما غيرها وفقاً لمبدأ التمثيل النسبي الكامل الذي يحمي شعبنا ومؤسساتنا من تفرد جهة واحدة بالقرار بكل ما يقود إليه التفرد من فساد واستبداد وانقسام. خامساً: تنفيذ ما تم التوافق عليه في لجان المصالحة الخمس ووضع الآليات الملزمة لذلك. وبالنسبة إلى دعوات المشاركة التي كررها الأخ إسماعيل هنية في إدارة قطاع غزة فنقول بكل وضوح أننا لا يمكن أن نكون شركاء في تكريس الانقسام، ولكننا نبني على بعض ما سمعناه، فندعو إلى الشروع فعلاً في تنظيم انتخابات طلابية وعمالية ونسوية ومهنية بحرية كاملة ووفقاً لمبدأ التمثيل النسبي، فعبر هذا الطريق الديمقراطي نبدأ العمل معاً، ونواصل معاً على طريق الوحدة الأشمل. أيتها الرفيقات .. أيها الرفاق في إطار المراجعة وكشف حسابنا على صعيدنا الداخلي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، فقد أنجزت الجبهة عقد مؤتمرها الوطني السابع تجسيداً ولو متأخراً لمبادئ التجديد والديمقراطية، وتحت شعار (المؤتمر الوطني السابع محطة هامة للنهوض الحزبي والنضال من أجل الحرية والاستقلال والعودة وتقرير المصير). وعلى الطريق الذي شقّه لنا الرفيق الأمين العام المؤسس، حكيمنا وحكيم الثورة الفلسطينية، فقد بادر عدد من الرفاق الذين نعتز بهم وبعطائهم على صعيد الجبهة والثورة والقضية إلى التخلّي عن مواقعهم القيادية، حرصاً وتجسيداً للديمقراطية والتجدد الذي يحمي مسيرة الجبهة والثورة من الشيخوخة والتكلّس والبيروقراطية، بعد أن أكدوا أنهم سيظلون جنوداً مخلصين وأوفياء للثورة وللجبهة ولراية الوطن والتقدم والعدالة الاجتماعية. أذكر من هؤلاء الرفاق ... الرفيق نائب الأمين العام للجبهة، الرفيق عبد الرحيم ملوح، أحد أبرز قيادات العمل الوطني الفلسطيني وصاحب التاريخ الكفاحي الحافل والذي يحمل على جسمه آثار جروح مواجهاته مع العدو الصهيوني وفي الدفاع عن الثورة، بطل المواجهة في زنازين العدو، وآخرها قبل خروجه من السجن بأسابيع في ساحة سجن مجدو. الرفيق يونس الجرو، كبيرنا في قطاع غزة، المناضل منذ أوائل ستينيات القرن الماضي، وأحد أوائل من امتشقوا رايات المقاومة ورفعوا لوائها منذ الأسابيع الأولى للاحتلال في حزيران 1967. الرفيق عبد العزيز أبو القرايا، أحد أبرز رموز الحركة الأسيرة الفلسطينية ومن الذين أسسوا وأرسوا دعائم السجون كمدرسة للثورة، بعد أن كان من أوائل المجموعات المقاتلة للاحتلال، التي تشكلت وباشرت المقاومة قبل الإعلان الرسمي عن انطلاقة الجبهة. من حقنا أيها الرفاق أن نعتز بهذه السوابق التي ترسيها جبهتنا، تواصلاً مع سوابق عديدة في هذه المسيرة المجيدة. فرفيقنا غسان كنفاني أول المبدعين في الأدب والفن الذي اغتالته يد الإجرام الصهيوني فجسّد بنفسه الشعار الذي صاغه للاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين (بالدم نكتب لفلسطين) ورفيقنا جيفارا غزة عضو المكتب السياسي للجبهة مثال القائد البطل الذي يتقدم الصفوف للكفاح والشهادة .. ورفيقنا الحكيم أول من جسّد مبادئ التجدد والديمقراطية .. ورفيقنا أبو علي أول أمين عام يستشهد معمّداً بدمه انتفاضة الأقصى المجيدة الباسلة .. ورفيقنا أحمد سعدات الأمين العام الذي يقارع الصهاينة في خط المواجهة الأول في السجون الإسرائيلية، وكان مع رفاقه من قالوا لقادة العدو، أنكم لن تكونوا آمنين فأطاحوا برأس أحد غلاتهم. والقائمة طويلة طويلة، بقدر ما نعتز بها، فإنها تحمّلنا مسؤولية خاصة في الوفاء لهم، وللآلاف غيرهم من رفاقنا الشهداء وعشرات آلاف الشهداء من أبناء شعبنا وثورتنا الذين شقوا لنا طريق الكفاح والمقاومة. فكل المجد لهم كلمتي الأخيرة لكم أيها الرفاق، ولكل المناضلين اليساريين التقدميين الديمقراطيين على اختلاف انتماءاتهم ومواقعهم، هي أن القرار السياسي والتأثير السياسي هو محصلة موازين القوى السياسية والاجتماعية، وهو ما يحمّلكم مسؤولية العمل من أجل توحيد قواكم في أطر وصيّغ ائتلافية ديمقراطية توحد التيار الوطني الديمقراطي الواسع في الساحة الفلسطينية، فهذه الخطوة أصبحت ضرورة وطنية لا يجوز أن تؤجل، وهي تساهم في جسر الهوّة في موازين القوى الداخلية القائمة، وتمكّن من حشد قوى الشعب كل الشعب، دون إقصاء أو تعسف، فهذا هو طريق الانتصار القادم المؤكد. المجد للشهداء .. الحرية والمجد للأسرى عاشت الثورة .. عاشت الجبهة وإلى الأمام [/JUSTIFY]