خلال ندوة سياسية الصوراني الاعتراف بيهودية الدولة نهاية للمشروع الوطني الفلسطيني

08 أغسطس 2018

[JUSTIFY]قال عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الرفيق غازي الصوراني ان طموح الكيان الصهيوني الى ان يتحول الاعتراف بإسرائيل الى اعتراف بالصهيونية وبالتالي الى الاعتراف العربي من اعتراف تسوية الى اعتراف مبدئي بشرعيتها التاريخية، هذا يعني ان العدو الصهيوني كان تاريخياً على حق وكلنا على خطئ. واكد ان اهم مخاطر الاعتراف بيهودية "اسرائيل" اولها انه يجعل الدولة الصهيونية امراً مشروعاً من كل النواحي السياسية والتاريخية والثقافية والاخلاقية وهو وضع اكثر من خطير ويعتبر هزيمة كبرى ونهاية للمشروع الوطني الفلسطيني لان هذا يعني ان الفلسطينيين والعرب لا يعترفون بإسرائيل كأمر واقع كما هو حال "منظمة التحرير الفلسطينية" بل يعترفون بشرعية الكيان الصهيوني وحقوقه في فلسطين على حساب حقوق شعبنا التاريخية. جاءت اقواله خلال ندوة سياسية تحت عنوان الحلول التصفوية ويهودية الدولة نظمتها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مساء امس بمحافظة شمال غزة في مقر جمعية التراث بالقرب من جامعة القدس المفتوحة بمشاركة حشد كبير من الرفاق. واضاف الصوراني "ان طرح حكومة دولة العدو الصهيوني شعار يهودية الدولة، لا يبتعد أبداً عن ظاهرة "الانبعاث الديني" على المستوى العالمي ، علاوة على أنه يشكل جوهر البعد الديني الأسطوري الذي تتذرع به الحركة الصهيونية، أو تستخدمه عندما تقتضي الحاجة إليه في ظروف محددة، فالمعروف أن الحركة الصهيونية في بداياتها الأولى نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، لم تتمسك ابداً بالمنطلق الديني التوراتي لإقامة " دولتها" بل وافقت في مؤتمرها السادس (1903) على إقامة دولة إسرائيلية في اوغندا أو الأرجنتين، كدليل ساطع على تجاوز الادعاءات الدينية فيما يسمى بـ"أرض الميعاد"، ما يؤكد على أن العامل الديني، التوراتي، لم يكن منطلقاً وحيداً لسياسات الحركة الصهيونية وقادتها الذين أدركوا منذ البدء أن الظاهرة الدينية ليست معياراً لقوة الدولة الحديثة، التي لا يمكن تحقيقها إلا بالاعتماد على الأسس العلمانية في المؤسسات المدنية السياسية والمجتمعية والاقتصادية والعسكرية والثقافية ، وهذا ما قامت بتنفيذه الحركة الصهيونية منذ بداية القرن العشرين" . وتابع الصوراني "على أثر انهيار الاتحاد السوفياتي ومنظومة البلدان الاشتراكية ، تخلصت القوى الإمبريالية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ، من كافة القيود والمعوقات التي حالت دون التوسع والسيطرة الرأسمالية على مقدرات وثروات شعوب العالم، وإخضاعها لمقتضيات التوسع الإمبريالي في إطار نظام العولمة منذ تسعينيات القرن الماضي، الذي حمل في طياته أشكالاً جديدة من السيطرة العنصرية التي تدعي أن التمايز بين البشر يقوم على أساس التمايز بين الثقافات والحضارات ، الأمر الذي أسهم في انتشار ظاهرة ما يسمى بـ "الانبعاث الديني" على المستوى العالمي، وهي ظاهرة لم يكن ممكناً انتشارها، بدون ترتيبات وبرامج وتوجيهات محددة تخدم مصالح الإمبريالية في طورها الرأسمالي المعولم "الجديد" . واستذكر الصوراني "المؤتمر التأسيسي الأول للحركة الصهيونية (1897) الذي خطط ووضع البرامج والأفكار الكفيلة ببناء الدولة العلمانية (أسسوا الكيبوتزات ثم الصندوق القومي والنقابات العمالية والجامعة العبرية ومعهد التكنولوجيا ومصانع الاسمنت والحديد والسلاح الخفيف واجهزة الأمن والأجهزة العسكرية... إلخ) ، وفي هذا الجانب يمكن العودة إلى كتابات أبرز المفكرين والقادة الصهاينة اللذين أكدوا على أهمية فصل الدين عن الدولة مثل "موشي هس" و "ليو بنسكر" و "تيودور هرتزل" و "وايزمن" و"بن جوريون" .. . إلخ ، ما يعني دوراً رئيسياً للعلمانيين الصهاينة في تأسيس الدولة ، وبالتالي فإن استخدام والأساطير الدينية والتوراتية، كان ولا يزال، لحساب الأهداف السياسية ، التي تخدم الكذبة الكبرى التي تقول بأن اليهود أمة ، وذلك على قاعدة أن الصهيونية هي الجانب القومي في اليهودية ، واليهودية هي الجانب الديني في الصهيونية ، وبالتالي فإن "إسرائيل" تحقيق سياسي وتجسيد عملي وسياسي للظاهرتين معاً ، الأمر الذي يعني ان الصهيونية هي الوجه السياسي والفكري لليهودية، أما اليهودية فهي المرتكز الديني للصهيونية حسب ما أورده "هرتزل" في كتابه -دولة اليهود- على الرغم من عدم اقتناعه أصلاً بالدين ، فالديانة اليهودية أو التوراة عند "هرتزل" ضرورية فقط لفقراء اليهود لكي تنجح الحركة الصهيونية في استثارتهم عاطفيا بما يسميه "أرض الميعاد" وتشجيعهم للعودة إليها ، بما يضمن كما يؤكد هرتزل- قيام العمال والفلاحين الفقراء اليهود بتنفيذ المخطط الصهيوني في بناء المستوطنات وإقامة المزارع والعمل في المصانع وغير ذلك من المؤسسات الصهيونية ، فالدين هنا، أو التوراة والتلمود ، ضروري جداً كمدخل لدى فقراء اليهود ، وبدونه كما يستطرد هرتزل في كتابه يصبح من المستحيل على الحركة الصهيونية أن تقنع آلاف الفقراء اليهود من العودة إلى "أرض الميعاد" بعد ما يقرب من ألفي عام على طرد الرومان لليهود، لم يتحرك أحد من الدول الغربية ومن اليهود بصورة جدية للعودة إلى ما يسمونه بـ"أرض الميعاد" حتى ظهور الرأسمالية وانتشارها وتوسع مصالحها، ومن ثم نبشها للماضي الأسطوري واستخدامه ذريعة لزرع الكيان الصهيوني في قلب الوطن العربي ، تأميناً لتلك المصالح ولضمان استمرار تجزئته واحتجاز تطوره ووحدته في آن واحد . كما تابع عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية "يتضح أن مؤسس الحركة الصهيونية "تيودور هرتزل" كان مدركاً بقوة طبيعة العلاقة العضوية بين الحركة الصهيونية من ناحية ومصالح النظام الاستعماري الرأسمالي من ناحية ثانية، ما يؤكد على أن "إسرائيل" انطلاقاً من دورها ووظيفتها ، لم تنشأ إلا لخدمة مقتضيات التوسع الرأسمالي، وكان وعد بلفور أحد أهم ثمار تلك المقتضيات لخدمة المصالح الاستعمارية البريطانية، وبعد أفول السيطرة الاستعمارية والدور البريطاني لحساب السيطرة الأمريكية في الشرق الأوسط منذ عام 1957 انتقلت "إسرائيل" إلى التعاطي مع الإمبريالية الأمريكية لتصبح أداة طيعة في تنفيذ مخططاتها وحماية مصالحها في الوطن العربي ، ومع هزيمة حزيران 1967 ، تحولت دولة العدو الإسرائيلي تدريجياً إلى شريك حقيقي للإمبريالية الأمريكية ، خاصة في ظروف العولمة الراهنة وخضوع الشرائح الحاكمة في معظم النظام العربي الرسمي لمقتضيات وشروط التحالف الصهيوني الإمبريالي عبر اتفاقات "كامب ديفيد" و "وأوسلو" و "وادي عربة" وبداية مسلسل التطبيع مع "إسرائيل". واشار الصوراني إلى أن الحركة الصهيونية التي استندت في بداية نشاتها إلى الأسس العلمانية في بناء مؤسساتها ، إلا أن صعودها في بداية القرن الماضي، أعاد المرتكز الديني التوراتي ليحتل في التفكير الصهيوني مكانة موازية في اهميتها للأسس العلمانية ، إلا أننا نلاحظ أيضاً أنه مع انتقال اليهود من العيش في «المنفى» إلى الاستيطان في فلسطين، ثم إعلان "الدولة" أيار 1948، بدأت مكانة التوراة بالانحسار لتحل محلها ما يسمى بـ"المحرقة" النازية في إعادة تشكيل الهوية اليهودية من غير أن ينتهي تأثير التوراة بالطبع، والتي وجدت في المتطرفين المتدينين (الحريديم) ما يعيد إليها تأثيرها الملموس في خدمة الجوهر السياسي للحركة الصهيونية ودولتها، الأمر الذي أعاد الجدل بقوة إلى إشكالية الهوية المعاصرة لـ"إسرائيل" وسكانها من المواطنين العرب والمستوطنين الصهاينة؛ مع امكانية تفاقم الصراع بينهما ، وهي اشكالية معقدة ليس من السهل إيجاد حلاً ديمقراطياً لها طالما بقيت موازين القوى مختلة بين طرفي الصراع العربي الصهيوني لحساب دولة العدو الصهيوني ، وهي إشكالية لن تجد حلاً لها إلا بهزيمة الحركة الصهيونية وتحقيق الهدف الإستراتيجي في إقامة فلسطين الديمقراطية. واكد الصوراني ان أحوال الضعف والتخلف السائدة في بلدان الوطن العربي، بسبب هيمنة القوى الرجعية شبه الاقطاعية والبرجوازية على قيادة الحركة الوطنية منذ أوائل القرن العشرين حتى ما بعد الحرب العالمية الثانية، ساعدت في خلق الظروف الملائمة لنجاح الاستعمار في دعم وتطوير الحركة الصهيونية وإقامة مستوطناتها ومؤسساتها السياسية والعسكرية والاقتصادية تمهيداً لاغتصاب فلسطين وإعلان "دولة إسرائيل" في 15 أيار 1948 . وقال الصوراني "لعلنا لا نبالغ في القول أن استشراء الظاهرة الدينية العنصرية في "إسرائيل" ليست بعيدة أبداً عن كونها ظاهرة في خدمة مقتضيات العولمة الإمبريالية الراهنة ، والهادفة إلى اشعال النزعات الدينية العنصرية ، الطائفية في كل البلدان العربية التي باتت في حالة غير مسبوقة من الخضوع والتبعية والتخلف ، لإثارة المزيد من النزعات الطائفية والمذهبية والاثنية فيها تكريساً لتجزئتها وتفكيكها كما هو الحال في العراق والسودان واليمن ومصر ،إذ أن هذا الضعف العربي كان وسيظل احد اهم الأسباب التي عززت قوة دولة العدو الصهيوني وغطرستها وعدوانيتها وعنصريتها البشعة المتمثلة في رفع شعار "يهودية الدولة" كشرط اول لما يسمى بعملية التفاوض الجارية مع قيادة م.ت.ف صوب المزيد من الخطوات الاستسلامية باسم السلام المزعوم ". واضاف الصوراني "منذ أن أعلن " بن جوريون" وثيقة قيام "إسرائيل" تكررت كلمة «الدولة اليهودية» في تلك الوثيقة ليلة 14/5/1948 خمس مرات؛ ومنذ ذلك التاريخ اختفى إلى حد كبير مصطلح «الدولة اليهودية» أو مصطلح «دولة اليهود» وحلت محلهما عبارة «دولة إسرائيل» مؤكداً ان اخطر ما في الامر توقيع مصر لمعاهدة "كامب ديفيد" وما تلاها من اعتراف بدولة "إسرائيل" والتطبيع معها ، وبعد اعتراف قيادة م.ت.ف بـ"إسرائيل" وتوقيع اتفاق "أوسلو" ، وكذلك اعتراف النظام الاردني بها، وتوقيعه على اتفاق "وادي عربة" ، وما تلا هذه الاتفاقات من اعتراف وتطبيع سياسي واقتصادي من عدد من الدول العربية في الخليج العربي والمغرب ، حيث أدى كل ذلك إلى تكريس استجابة النظام العربي للشروط الامريكية الصهيونية ، إلى جانب تراجع الحركة الوطنية الفلسطينية وانقسامها ، ففي مثل هذه الاوضاع المهزومة والمأزومة ، لم يعد مصطلح الدولة اليهودية مجرد تعريف ذاتي للإسرائيليين بحسب القانون الأساس الذي أصدره "الكنيست" في 1992 فحسب، بل صار كما يقول صقر أبو فخر[1]- مسألة دولية بعد خطاب "جورج بوش" في مؤتمر العقبة (4/3/2003) الذي شدد فيه على ضرورة الاعتراف بـ"يهودية الدولة"، ليصبح ذلك المطلب أو الشعار لدى حكومة نتنياهو- شرطاً لا تستقيم أي تسوية من دونه. وفي ختام الندوة اكد الصوراني أن هوية دولة إسرائيل" المرتبطة بمفهوم "الشعب" أو "الامة اليهودية" ستظل هوية مزيفة ، مضطربة غير قادرة على اثبات وجودها بصورة علمية او موضوعية او تاريخية كجزء من نسيج المنطقة العربية، وبالتالي لا يمكن تكريس هذه الهوية إلا بدواعي القوة الاكراهية الغاشمة المستندة إلى دعم القوى الإمبريالية ، فإسرائيل ستظل "كياناً غريباً مرفوضاً في المنطقة العربية من ناحية وستظل الحركة الصهيونية عاجزة عن الحديث عن "أمة" يهودية بالمعنى الموضوعي او العلمي، كما هو الحال بالنسبة للحديث عن "امة إسلامية أو مسيحية أو بوذية" من ناحية ثانية، ما يعني أن هذه "الدولة" لا تعدو كونها مجتمع عسكري يضم أجناساً متباينة روسية وبولندية وأوكرانية وأوروبية وآسيوية وعربية وأفريقية ، كل منها له ثقافته وتراثه المختلف عن الآخر ، وجدوا في الفرصة التي أتاحتها الرأسمالية العالمية لهم بالذهاب إلى فلسطين واستيطانها بذريعة "العودة إلى أرض الميعاد" مخرجاً لهم من أزماتهم أو مدخلاً لتحقيق مصالحهم ، إذ انه بدون تشجيع ودعم رأس المال الأوروبي عموماً والبريطاني خصوصاً لما كان من الممكن أن تتقدم الحركة الصهيونية خطوة واحدة إلى الأمام ، ما يؤكد على أن التقدم الاقتصادي والعسكري الذي أحرزته دولة العدو الإسرائيلي لم يكن ممكناً دون الدعم المتواصل حتى اللحظة من القوى الإمبريالية والبرجوازية في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية ، ما يعني أن استنهاض قوى حركة التحرر العربية وخروجها من ازماتها صوب استعادة دورها في النضال السياسي والكفاحي والديمقراطي من أجل توفير كل أسس الصمود والمقاومة في فلسطين ومن أجل تجاوز أنظمة الاستبداد والتبعية والتخلف وتصفية التحالف البورجوازي الكومبرادوري البيروقراطي ، لتحقيق انتقال مقاليد القيادة إلى "الطبقات" والشرائح الاجتماعية الكادحة الأكثر جذرية القادرة وحدها على توفير عناصر ومقومات القوة الاقتصادية والعسكرية القادرة على هزيمة إسرائيل وإقامة فلسطين الديمقراطية لكل سكانها في مجتمع عربي اشتراكي موحد .[/JUSTIFY]