الشهيد الرفيق عبد الحميد الجمل

تاريخ الميلاد : 01 يناير 1942
تاريخ الإستشهاد : 09 يناير 1971


مقاتل

ولد الشهيد البطل عبد الحميد الجمل ـ مرعب ـ في معسكر بنت الشاطئ ـ غزة ـ فلسطين عام 1942 بكنف عائلة معدمة، تملك قطعة من الأرض تزرعها وبالكاد تستطيع أن تعيش منها، لاسيما وأنها كانت تقوم بدفع الضرائب للاحتلال الإنكليزي، وللإقطاعيين ـ الباشوات ـ شاركت عائلة الشهيد بعمليات المقاومة والتصدي للاحتلال الإنكليزي والعصابات الصهيونية الفاشية، وانطبعت في ذاكرته هذه المشاهد المعبرة عن إرادة شعبنا في مواجهة الاحتلال الإنكليزي والعصابات الإرهابية الصهيونية، وتطورت الأحداث بسرعة وانتهى الانتداب وتسلمت المنظمات الإرهابية زمام الأمور في البلاد وتراجعت الجيوش العربية نتيجة خيانة القيادات العربية، والفلسطينية في ذلك الوقت حيث طلبت من الثوار إلقاء السلاح مظهرة تواطئها مع القوى الرجعية العربية تاركة الجماهير الكادحة، في جو من البلبلة والفوضى.

لقد عاش شهيدنا وشاهد صور نضالات شعبنا، وظلت في تفكيره حتى آخر حياته، واضطرت عائلته لترك القرية مجبرة تحت ضغط الإرهاب الفاشي الصهيوني، مدعوها من سلطة الانتداب الإنكليزي.

حصل على التعليم الثانوي، وانقطع عن الدراسة بعد ذلك للعمل، فعمل فترة من الزمن وبعد ذلك، التحق متطوعاً بالكتائب الفلسطينية التي تشكلت عام 1954، وبقي الرفيق الشهيد عبد الحميد في هذه الكتائب الفلسطينية حتى تأسيس جيش التحرير الفلسطيني في العام 1964 فالتحق به جندياً مغواراً وقام بعملية تدريب في دورة صاعقة، كان فيها مثال المقاتل الشجاع المعطاء، وبرهن على ذلك من خلال اشتراكه بحرب 1967، حيث تصدى للجيش الهمجي الإسرائيلي، وبعد سيطرة الغزاة على المدينة الباسلة غزة، تراجع الرفيق إلى الخلف حاملاً سلاحه محتفظاً به ولم يرضخ للحر بالنفسية التي شنها العدو الإسرائيلي لعملية تسليمه الأسلحة، مدركاً خطورة هذه الخطوة ومدركاً كذلك ما سيحدث لجماهيرنا الفقيرة والقوى الوطنية من أبناء شعبنا التي تعمل للخلاص من الاحتلال الإسرائيلي.

حرض الرفيق الجماهير على مقاطعة البضائع الإسرائيلية التي يروج لها البرجوازيين الكبار المتعاونين مع مصالح العدو الإسرائيلي، وكان مثال التضحية والشجاعة وتحمل آلام الجوع حين رفض العمل في مصانع الأعداء، محرضاً الجماهير على ذلك واع لما يمثله العمل في مصانع العدو الإسرائيلي.

برهن الرفيق على موقفه الوطني والثوري من خلال التزامه بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في أواخر عام 1969، ممثلة الجماهير الكادحة الفلسطينية، معبراً بالتزامه هذا عن أصالته وحسه الطبقي والوطني، مستفيداً من التجارب التي مر بها، خلال حياته بأن الأسلوب الذي حاربت أنظمة البرجوازية الصغيرة لن يحقق التحرير الكامل، وعرف ذلك عندما سقطت الأقنعة عن هذه الأنظمة إثر هزيمة حزيران 1967، مؤمناً بأن البرنامج السياسي الثوري، المستند إلى الجماهير المضطهدة، والمعبر عن طموحاتها هو البرنامج الأكثر ثورية، وهو البديل عن البرامج التي طرحتها هذه الأنظمة المتساقطة.

شارك الرفيق عبد الحميد ـ مرعب ـ في مجموعة من العمليات العسكرية ضد جنود العدو آلياته وعملائه وضد منشآته الاقتصادية وتجمعاته الاستيطانية. كان الرفيق عبد الحميد مثال الشجاعة والتضحية، صريحاً في قول الحقيقة، محبوباً من قبل الجماهير التي عاش وسطها، لما لديه من أخلاق ثورة قريبة إليها.

وكانت المعركة الأخيرة التي استشهد فيها، بتاريخ 9/1/1971 مع الرفاق محمد صالح (حازم) ومحمود أبو حمدة (موهوب) في أحد المنازل في منطقة الرمال بغزة، حيث خاض مع رفاقه معركة غير متكافئة مع قوات العدو التي أشرف عليها وزير دفاعه السابق موشي دايان، حيث اشترك في المعركة المنشأة، والآليات والطائرات الهيلكوبتر، واستمر الرفاق الأبطال في معركتهم دون الرضوخ للحرب النفسية التي شنها العدو الفاشي أثناء المعركة إلى أن سقطوا شهداء الأرض وكل الكادحين الذين التزموا بفكرهم وبرنامجهم مجسدين بذلك أروع معاني التضحية.

سيبقى الدرس الذي علمنا إياه الرفيق الشهيد عبد الحميد ورفاقه رمزاً لن ننساه وسيقى كل الرفاق أمناء لأرواح الشهداء من خلال التطبيق الخلاق لهذا الدرس، وسيبقون لنا مشاعل على طريق النصر والتحرير الكامل لتراب الوطن المحتل.